
تقديم : يعتبر النظام البرلماني ذلك النظام الدستوري المعاصر الذي يتميز بالتعاون بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية مع وجود مسؤولية للسلسلة التنفيذية رغم استقلالها أمام السلطة التشريعية ، كما أن النظام البرلماني يقوم أساسا على عقد الثقة الذي يسود بين البرلمان والحكومة ، فهذه الأخيرة لا يمكن لها أن تزاول مهامها وتستمر في أداء وظيفتها إلا إذا كانت می مدعومة من قبل الأغلبية البرلمانية ، كما يقصد بالنظام الرئاسي ذلك النظام الحكم الذي يقوم على فصل صارم بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ويمنح سلاحيات واسعة للرئيس ، في حين يتميز النظام شبه الرئاسي بانتخاب الرئيس لكن الحكومة تنبثق من البرلمان وتكون مسؤولة أمامه وأمام الرئيس.
المطلب الأول : الآليات الجوهرية للأنظمة البرلمانية
بالرغم من الاختلاف الذي قد ينتج بين الأنظمة البرلمانية على مستوى اشتغالها بفعل ما تتمتع به القوى السياسية من مكانة ويفعل القواعد المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية ، فهي تعتمد البتين أساسيتين تمثل قاسما مشتركا بينها :
من جهة الأولى وجود حكومة مسؤولة أمام البرلمان ويتوقف استمرارها بشكل دائما على ثقة الأغلبية البرل مانية ، ومن جهة الثانية ثنائية السلطة التنفيذية ، إن هذين العنصرين يمثلان المرتكز الذي تنبثق عنه باقي العناصر الأخرى التي تميز النظام البرلماني الفرع الأول : المسؤولية السياسية للحكومة تمثل المسؤولية السياسية للحكومة أمام البرلمان العنصر الأبرز في إطار النظام البرلماني ، وهي تعتبر آلية يتمكن البرلمان من خلالها على أنغام الوزارة على تقديم استقالتها ، إله إذا كانت الحكومة تحدد بشكل مستقل سياستها ، إلا أنه في ظل النظام البرلماني فإنه لا يمكن لها تنفيذ واعمال تلك السياسات على أرض الواقع والبقاء في السلطة إلا إذا حصلت على ثقة البرلمان ، إن الحكومة في ظل النظام البرلماني تعتبر مسؤولة عن نشاطها أمام ممثلي الأمة ، وفي حالة وجود خلاف وعدم الاتفاق بينها وبين السلطة التشريعية حول هذا النشاط فيمكن لهذه الأخيرة أن تسقط الحكومة وترغمها على تقديم استقالتها ، كما أن هذه النتيجة يمكن الوصول إليها في غالب الأحيان عبر اعتماد مسطرتين المسطرة الأولى :
وتتمثل في رفض منح الثقة الناتجة عن المبادرة الحكومية التي تحمل مسؤوليتها أمام البرلمان عبر طرح مسألة الثقة ، إن رفض هذه الثقة من قبل البرلمان ينتج عنه سقوط ا لحكومة ، على المستوى العملي فان اعتماد الحكومة لهذه المسطرة يكون الغرض منه أساسا هو التأكد من مساندة الأغلبية التي تنبثق عنها لنشاطها ووضعها أمام مسؤوليتها في مساندتها أو فتح المجال لأزمة سياسية – المسطرة الثانية : وتأتي نتيجة التصويت على ملتمس الرقابة ، وتعتبر هذه التقنية من الأليات المحولة للبرلمانيين والتي من خلالها وبسادرة منهم يمكن إيصال رسالة إلى الحكومة مضمونها أنها لم تعد تحظى بثقتهم ، ويمكن الإشارة إلى أن هذه الطريقة هي الإمكانية الوحيدة المخولة للبرلمانيين بمبادرة منهم لسحب الثقة من الحكومة ، وإذا تم إقرار ملتمس الرقابة من قبل البرلمان فإن على الحكومة حينذاك أن تستقيل من مهامها ، كما أن هذا الإجراء لا تستخدمه عادة الأغلبية البرلمانية التي تنبثق عنها الحكومة ، وإنما توظفه المعارضة في غالبية الحالات ، لكن السؤال المطروح لماذا تلجأ المعارضة إلى هذه المسطرة على الرغم من معرفتها المسبقة بأنها لا تملك الأغلبية المطلوبة وبأن مصير مبادرتها هو الفشل في تحقيق هدفها يسحب الثقة من الحكومة ؟ إن اللجوء إلى ملتمس الرقابة من قبل المعارضة يكون الغرض منه إثارة انشاء الرأي العام حول مسألة أو مظهر من مظاهر السياسة الحكومية وجعله شاهدا على معارضتها على سياسة الحكومة أو عدم موافقتها على إجراء من الإجراءات التي تتخذها تلك الحكومة في مجال معين ، وهو ما يعني تسجيل نقط الصالح المعارضة في الاستشارات التي سستاني في المستقبل غير أنه من أجل عقلة العمل البرلماني وبغية تفادي عدم الاستقرار الحكومي الذي قد ينتج عن إسقاط الحكومة بفعل آلية ملتمس الرقابة فإن المشرع الدستوري شدد على أنه إذا وقعت الموافقة من لدن مجلس النواب على ملتمس الرقابة فإنه لا يقبل بعد ذلك تقديم أي ملتمس رقابة أمامه خلال مدة زمنية تصل إلى سنة كاملة.
أولا : أصل نشأة المسؤولية السياسية ظهرت المسؤولية السياسية في الحكومة البريطانية في أواخر القرن 18 م ، نتيجة ما حدث من تحول على مسطرة الإحرام الجزائي منذ القرن 14 م ، حيث كانت هذه المسطرة تحول لمجلس العموم من تقديم ومتابعة أحد الوزراء المتهم بارتكاب إحدى الأعمال الجنائية ، جناية كانت أو جنحة ، أمام مجلس اللوردات ، والسبب الذي يكمن أمام هذه المسألة هو أن الممارسين للوظيفة العمومية والشبان العام لا يتابعون أمام المحاكم العادية ، بينما العقوبة التي قد تصدر في حقهم قد تتراوح بين غرامات بسيطة إلى حد الإعدام ، غير أنه في حدود القرن السابع عشر عرفت المسؤولية الوزارية تحولا امتد إلى نشاطاتهم السياسية
ثانيا : تحولات المسؤولية السياسية إن الأصل في المسؤولية السياسية للحكومة في بدايتها الأولى هو مسؤوليتها أمام كل من الملك والبرلمان ، ولعل هذا جعل النظام البرلماني يتصف بخاصية الثنائية ، بيد أنه مع تطور النظام البرلماني خاصة أمام فقدان الملك السلطاته وتراجعها ستصبح هذه المسؤولية غير قائمة ، لقد أصبح مبدا مسؤولية الحكومة أمام البرلمان وحده كتوجه يفرض نفسه منذ القرن 19 م ، وبهذا سيصبح النظام البرلماني يوسف بكونه أحاديا الفرع الثاني : ثنائية السلطة التنفيذية تتشكل السلطة التنفيذية في غالبية الأنظمة البرلمانية من طرفين أساسيين هما رئيس الدولة من جهة ، والحكومة أو الوزارة كهيئة جماعية مسؤولة عن تدبير شؤون الحكم من جهة أخرى .
أولا : مكانة رئيس الدولة في النظام البرلماني ان رئيس الدولة في إطار النظام البرلماني يمكن أن يكون ملكا يتولى منصبه عن طريق الوراثة ، أو رئيسا يتم اختياره عن طريق الانتخاب ، وينبغي له في كلتا الحالتين أن يكون شخصا آخر غير شخص رئيس الحكومة أو الوزير الأول إذا لا يجوز بأي حال لرئيس الدولة أن يجمع بين صفته كرئيس للدولة وبين صفته كرئيس للحكومة ، فالنظام البرلماني يقوم على ضرورة الفصل بين المنصبين ، وبالرغم من أن رئيس الدول النظام البرلماني يعتبر هو رئيس السلطة التنفيذية إلا أنه يبقى غير مسؤول سياسيا حيث لا يسأل عن شؤون الحكم أمام البرلمان ، فهذا الأخير ( البرلمان ) لا يملك حق استجوابه أو سؤاله أو سحب الثقة منه لأجل إرغامه على التخلي عن منصبه وتقديم استقالته أو تنحيه عن الحكم ، وتجدر الإشارة إلى أنه حينما تتحدث عن عدم مسؤولية رئيس الدولة في ظل النظام البرلماني فيجب أن نميز بين صفة رئيس الدولة الذي يتولى منصبه عن طريق الوراثة ( الملك ) حيث أنه في ظل الملكيات البرلمانية تعتبر عدم مسؤولية رئيس الدولة قاعدة مطلقة ، بمعنى أن الملك لا يسأل لا من الناحية السياسية من الناحية الجنائية فهو لا يمكن ملاحقته بأي شكل من الأشكال لأن شخصية الملك مصونة ولا تمس ، وبين الذي يتولى منصبه عن طريق الانتخاب أي في ظل الأنظمة الجمهورية البرلمانية ، حيث أن قاعدة المسؤولية لا يؤخذ بها بكيفية مطلقة ، فإذا كان رئيس الدولة لا يمكن مسائلته من الناحية السياسية فإنه لا يعني من المسؤولية في حالة ارتكابه الجرائم حيث أنه على هذا المستوى لا يختلف عن باقي أفراد المجتمع وبالتالي يمكن ملاحقته في حلة ارتكابه أي فعل يعاقب عليه القانون وبالرغم من إقرار عدم مسؤولية رئيس الدولة في ظل النظام البرلماني فإنه يتمتع في غالبية الأنظمة البرلمانية بمجموعة من الاختصاصات وذلك حسب طبيعة النظام السياسي لكل دولة ، فهو يعين رئيس الحكومة أو الوزير الأول ، ويوجه الرسائل إلى البرلمان ويعين القضاة وكبار الموظفين ، غير أنه ، ذلك ينبغي التنبيه على أنه رغم تحويل رئيس الدولة القيام بتلك الاختصاصات إلا أنه في واقع الأمر لا يقوم بذلك بشكل منفرد ، بل إن الأغلبية الأعمال التي يقوم بها تعرف توقيعا بالعطف سواء من قبل رئيس الحكومة أو الوزير المعني ، كما أن عدم استطاعة رئيس الدولة العمل بشكل منفرد و عدم تحمله للمسؤولية إلى تأكيد غالبية الباحثين في مجال القانون الدستوري على الدور السلبي لرئيس الدولة في النظام البرلماني ، فالمركز الذي يتمتع به في هيكل النظام السياسي لا يعدو أن يكون مجرد مركز شرفي كونه لا يملك من السلطة إلا جانبها الإسمي وليس الفعلي الذي هو من اختصاص الحكومة ، لذا فإن مهمته تقتصر في غالب الأحيان على توجيه النصائح والإرشادات ان المبدأ المعمول به في إطار النظام البرلماني هو عدم مسؤولية رئيس الدولة عن التصرفات والأعمال المرتبطة بشؤون الحكم بينما تقرر هذه المسؤولية بالنسبة للحكومة وحدها ، ولما كانت القاعدة فإنه حيث توجد المسؤولية تتواجد أيضا السلطة ، لذا فإن رئيس الدولة لا يكون له سلطات فعلية وإنما تقرر هذه السلطات الحكومة نتيجة تقرير مسؤوليتها ، وبناء على هذا الأساس تشكل المبدأ الذي يقول أن رئيس الدولة ( الملك ) في النظام البرلماني ” يسود ولا يحكم ” ، غير أنه مع ذلك من الصعب إنكار أي دور لرئيس الدولة في النظام البرلماني لأنه في ظل هذا النظام يقوم ببعض المهام وتخول له بعض الاختصاصات التي لها علاقة مباشرة بتدبير شؤون الحكم والسلطة
ثانيا : مكانة الحكومة في النظام البرلماني تعتبر الحكومة في ظل النظام البرلماني هيئة جماعية معينة من قبل رئيس الحكومة ويشتغل الأعضاء المشكلين لها بشكل متضامن ، بما أن القرارات التي يتم اتخاذها تكون بشكل جماعي وتلزم كل الوزراء ، كما أن الحكومة هي التي تضمن التواصل بين رئيس الدولة والبرلمان ، وتتمتع بسلطات مفوضة وسلطات ذاتية ، وبهذا تمثل الحكومة سلطة مستقلة بشكل فعلي وليست مجرد أداة لرئيس الدولة ، وتتشكل الحكومة من مجموع الوزراء وهي التي تضطلع بتحمل أعباء الحكم لكونها المحور الرئيسي للسلطة التنفيذية في النظام البرلماني ، وعليها تقع المسؤولية السياسية أمام البرلمان
مميزات ( سمات ) الحكومة في النظام البرلماني : إن الحكومة في ظل النظام البرلماني تتميز بمجموعة من السمات التي يمكن تحديدها على الشكل التالي
1- قيام الحكومة على ثقة البرلمان : أي أنه لا يمكن للحكومة أن تستمر في ممارسة مهامها إلا بعد حصولها على ثقة البرلمان ، فغياب تلك الثقة بعرض الحكومة للسقوط ، ولهذا تجد ، رئيس الدولة حبلها يعين رئيس الحكومة فإنه يلتزم بتعيينه من داخل الأغلبية البرلمانية أو من الحزب الذي حصل على عدد من المقاعد ، ثم بعمل رئيس الحكومة المعين على اختيار أعضاء وزارته من داخل قيادات حزبه ، أما إذا كان الحزب لا يتوفر على الأغلبية داخل مجلس النواب فإنه يلجأ إلى تشكيل حكومته من ر من حزب ( حكومة ائتلافية ) ، وفي هذه الحالة كذلك : الحكومة تحتاج إلى ثقة البرلمان
2- الحكومة بلية متجانسة ومتضامنة : أي أن الحكومة كينية تتشكل من جماعية مميزة دون تنافر بين الأعضاء المشكلين لها ، التجانس الحكو ، العناصر التي تشتغل على شكل هيئة حكومي الذي غالبا ما يقوم على أساس أعضاء يتبنون نفس الأفكار ولهم توجهات سياسية متماثلة كانت الحكومة مشكلة من حزب واحد ، أما إذا كانت حكومة ائتلافية فإن التجانس يتح قق بفعل توجه رئيس الحكومة المعين إلى تشكيل حكومة من الأحزاب التي تتقاسم نفس الرؤي ، كما أن اتسام الحكومة في الأنظمة البرلمانية بسمة التضامن فهو يعني أن كل الوزراء داخل الحكومة مسؤولين مسؤولية تضامنية عن القرارات الصادرة عنهم وبالتالي ليس بمقدور أحد منهم التنصل من المسؤولية .
3- الحكومة أداة لممارسة السلطة وليست فقط آلية للتنفيذ : حيث تستمد الحكومة هذه المكانة من الوثيقة الدستورية ، فهي المسؤولة عن وضع السياسة العامة للدولة ، وعن السياسات العمومية التي تعدد معالمها وتسهر على تنفيذ مقتضياتها ، هذا زيادة عن كونها كيان متميز عن رئيس الدولة وعن المؤسسة التشريعية
الفرع الثالث : التعاون بين السلطات إن النظام البرلماني لا يقيم اصلا تاما وجامدا بين السلطات ، وإنما ترك الباب مفتوحا لتأثير وتداخل كل سلطة في الأخرى وسمح لها بخلق جسور التواصل والتعاون بينها ، كما أن السلطات في إطار النظام البرلماني لا تشتغل بشكل متعلق على نفسها ، وإنما تسمح بتدخل يضعها في البعض ضمانا للسير العادي للسلطنة وحتى لا يصاب عمل الدولة بالشلل ، وعليه فإن هناك عدة تجليات لتدخل السلطة التنفيذية في مجال السلطة التشريعية ، أو العكس ، وتشير إلى أنه إن كانت المسؤولية السياسية للحكومة أمام البرلمان تمثل إحدى أهم مظاهر تدخل السلطة التشريعية في السلطة التنفيذية ، فإننا تحد مقابل ذلك تمتع السلطة التنفيذية بسلطة حل البرلمان التي تمثل إحدى الأليات الأساسية للنظام البرلماني
أولا : سلطة حل البرلمان ويقصد به ا ذلك الحق الذي يحوله الدستور للسلطة التنفيذية لوضع حد لعمل السلطة التشريعية قبل انتهاء ولايتها العادية ، ثم الدعوة لانتخابات جديدة لتشكيل مجلس جديد ، وهو ما يعني أن سلطة الحل الية توازن بين السلطتين ، وتقابل سلاحية سحب الثقة من الحكومة التي تمتلكها السلطة التشريعية ، إلا أنه في الغالب لا تلجا السلطة التنفيذية إلى استعمال حق حل البرلمان إلا بعد الشوب خلاف بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ) ، ويتم أيضا عندما يكون رئيس الحكومة من حزب يشعر أنه بدأ يحوز على ثقة وتأييد الرأي العام وبالتالي فإن إجراء انتخابات جديدة سيكون لها نتائج تتماشي ورغبة الحكومة سوم بتشكيل حكومة جديدة بصورة مريحة ، أن مسألة حل البرلمان كالية تملكها السلطة التنفيذية في مواجهة السلطة التشريعية ومة لكن غالبا لا تمتد إلا إلى مجلس النواب ، مع وجود بعض الاستثناءات .
شروط استعمال حق حل البرلمان : ان حق حل البرلمان يمثل آلية أساسية للنظام البرلماني ، فهي تحمي التوازن بين السلطات ، ونظرا لما قد يترتب عن مسألة البرلمان من آثار سلبية ( كتاثيره على الاستقرار السياسي للبلاد ) فإن غالبية الدساتير تقيد مسألة اللجوء إليه بعدد من الضوابط لا استعماله بشكل تعسفي أو مبالغ فيه ، كعدم جواز حل البرلمان أكثر من مرة استنادا إلى نفس السبب أو خلال مدة محددة ، أو عدم جواز حل البرلمان في بعض الفترات به استعمالات حل الحل : ان حق حل البرلمان يعرف استعمالات مختلفة ، من بينها
1- حق الحل هدفه البحث عن الأغلبية البرلمانية حسب المنظور الكلاسيكي للنظام البرلماني فإن الغاية من لجوء الحكومة الحل في التمكن من الحصول على أغلبية يكون لها الاستعداد لمساندتها ، لذا فالتهديد باستعمال حق الحل من قبل الحكومة قد لا يراد منه فعلا وضع حد لعمل البرلمان وإنما ط تقوية تماسك ائتلاف الأغلبية الحربية التي ظهرت عليها بعض بوادر الانشقاق ، كما ان التهديد باللجوء إلى حل البرلمان بإمكانه تقوية ائتلاف الأغلبية الطلاقا من ارضيتين أساسيتين
الفرضية الأولى : وهي في حالة التعددية الحزبية حيث يمكن للعملية الانتخابية ألا تكون لصالحهم ، الشيء الذي ينفع بالأغلبية الحزبية الائتلافية إلى القبول بالمصالحة الوقتية في انتظار الوقت المناسب .
الفرضية الثانية : في حالة الثنائية الحزبية ، حيث أن الخلافات داخل حزب الأغلبية تجعلهم يترددون في تعويض أغلبيتهم البرلمانية وذلك من منطلق إيمانهم بأن حزبهم لن يمنح لهم التزكية أثناء إجراء الانتخابات الناتجة عن الحل ، مما يقل من
2- اعمال بغاية جعل الشعب حكما يشأن صراع بين الحكومة و البرلمان تكون الغاية من اللجوء لحل البرلمان في هذه الحالة في الخروج من أزمة قائمة أو لا مفر منها ، تحول المعارضة إلى أغلبية حظوظ إعادة انتخابهم في البرلمان ، مما يعني أن الحكومة قد يتم إسقاطها ، الشيء الذي يدفعها لإعلان حل البرلمان سعيا منها للبحث عن أغلبيتها التي فقدتها
3- حل البرلمان بغاية الاستفادة من وضعية ملائمة يمكن الحكومة أن تقرر حل البرلمان من منطلق تقديرها أن الوضع في صالح الحزب أو الائتلاف المشكل للأغلبية مما يدفعها لإجراء انتخابات سابقة لأوانها ، لأن إجراء الانتخابات بسرعة قد يمكن الحكومة من رؤية الصارها يعودون بقوة إلى المجلس الجديد .
ثانيا : ألبات التأثير المتبادل للسلطات أن وسائل تأثير السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية : تملك السلطة التنفيذية العديد من الأساليب التي تمكنها من التدخل في عمل السلطة التشريعية والمساهمة فيما يصدر عنها من أعمال ، وذلك مثل
1- حق التقدم بمشاريع القوانين : أي أن الحكومة حق المبادرة في اقتراح القوانين ، مما يعني أنها تتقاسم هذه السلطة مع ممثلي الأمة ( أعضاء الهيئة التشريعية ) ، بل إن الغالبية الساحقة من القوانين في الوقت الراهن مصدر ها حكومي
2- الحق في حضور اجتماعات غرفتي البرلمان : للوزراء حق حضور جلسات مجلسي البرلمان ، كما أن حضورهم لا يعتبر عملية شكلية ، بل لهم حق التدخل والمناقشة والدفاع عن ملفاتهم وسياساتهم وكذا استعمال سلطتهم من أجل توجيه النقاش في الاتجاه الذي تريده الحكومة 3. تملك الحكومة أحيانا سلطة تحديد مدة الدورات البرلمانية : أي أنه حينما تتجاوز الدورات مدة محددة فيمكن للحكومة الإعلان عن انتهائها ، فإذا استمرت جلسات البرلمان أربعة أشهر على الأقل في كل دورة ، جاز ختم الدورة بمرسوم ، إن هذا الإجراء يمكن من قياس المدة الزمنية التي تكون فيها الحكومة تحت المراقبة المباشرة لممثل ي الأمة بد وسائل تأثير السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية : ان وسائل تأثير السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية متعددة ومتنوعة وذلك حسب طبيعة كل نظام برلماني :
1- حق توجيه السؤال : للبرلمانيين الحق في طرح الأسئلة على الوزراء ومساملة الحكومة ، إن حضور أعضاء الحكومة أو الوزراء جلسات مجلسي البرلمان يمكن ممثلي الأمة من طلب معلومات عن عمل الحكومة ومشاريعها ، فبمجرد عرض الحكومة لبرامجها وتقديم أعمالها ، يمكن لأعضاء البرلمان مناقشة الحكومة وبالتالي تنوير الرأي العام وإثارته ونقل النقاش إلى الأمة ، وغالبا ما يكون السؤال الذي يطلبه عضو في البرلمان من أحد الوزراء بشأن مسألة معينة في شكل علاقة بين الاثنين ، بمعنى أنه لا يتدخل عضو آخر من البرلمان ، ويستطيع العضو العدول عن رأيه ومن الممكن أن يكون ذلك لغرض إثارة انتباه الحكومة إلى موضو
2- حق الاستجواب : حيث يكون في شكل طلب إيضاح من الوزير أو رئيس الحكومة ، كما أنه يحمل في طياته اتهام ضمني ومحاسبة ، ويمكن لكافة أعضاء البرلمان الاشتراك مع العضو أو الأعضاء المطالبين بالاستجواب ، الشيء الذي يمكن ان + ، الوزير المعنى أو رئيس الحكومة ، لهذا فإن الاتجا ه الغالب هو توفر بعض الضمانات لذلك مثل عدم السماح بالاستجواب إلا بعد مرور مدة معينة على وصول الطلب إلى الوزير المعني ، وذلك حتى يتمكن من إعداد وتحضير الأجوبة والبيانات والوثائق المطلوبة التي يحتاج إليها لإظهارها عند إجراء الاستجواب
3- اللجان البرلمانية إن مراقبة عمل الحكومة يتقوى بشكل أكبر عير عمل اللجان البرلمانية ، و هي تأخذ شكلين أساسيين
الشكل الأول اللجان البرلمانية الدائمة إذا كانت اللجان البرلمانية الدائمة تشكل جانبا من البناء الداخلي للمؤسسة البرلمانية لتنظيم عملها التشريعي ، فإن هذا لا ينفي دورها الرقابي كذلك ، إذ غالبا ما تجد سعي البرلمان إلى تأسيس لجان دائمة مشكلة من البرلمانيين لغاية مراقبتهم لأهم محالات النشاط الحكومي كالاقتصاد والثقافة والعلاقات الخارجية ، فأسلم هذه اللجان يمكن استدعاء الوزير السعني التقديم عرض أمامها ، وإعطاء رأيهم أثناء النقاش حول الإصلاحات المعروسة أو حول أبواب الميزانية ، لنا إن اللجان البرلمانية الدائمة تقوم بدور أساسي في مجال التشريع والمراقبة ، ويلاحظ ذلك في المواد القانونية التي نظم بها المشرع البرلماني هذه اللجان البرلمانية الدائمة حيث تم التنصيص ، عليها داخل الوثيقة الدستورية ، كما ترك أمر تحديد عند هذه اللجان وكيفية اشتغالها إلى الأنظمة الداخلية لمجلسي النواب
الشكل الثاني : اللجان البرلمانية الموقتة الجان تقصي الحقائق ) تعتبر اللجان البرلمانية وسيلة لمراقبة عمل الجهاز التنفيذي دون إثارة المسؤولية السياسية للحكومة بشكل فوري ، وينتهي عملها بمجرد وضع تقريرها أمام المجلس المعنى ، ويتم اللجوء إلى لجان تقصي الحقائق في مناسبا ت مختلفة ، فقد يكون جواب الوزير المختص على الاستجواب غير كاف أو ناقص ، ويصر المجلس على معرفة جميع التفاصيل والحصول على كل المعلومات المتعلقة بموضوع الاستجواب ، فيلما قبل توجيه الاتهام للوزير إلى تشكيل لجنة تحقيق تقوم بجمع المعلومات التقصي عن الحقائق بجميع الوسائل المتيسرة مثل الاطلاع على الوثائق واستشارة خبراء في الموضوع ، كما يمكن للجان التقصي أن تتشكل بغاية البحث في قضية أو ملف معين يتعلق بوجود اختلالات أو أسك ، وهي لجنة مهمتها تنحصر في الوقوف على مواطن الخلل والانحراف وتقديم تقرير المجلس أو الجهة الدستورية التي شكلتها ، وبعد استكمال التحقيق يتم عرض تقرير اللجنة على المجلس المعني ، فإما أن يقتنع هذا الأخير بما ورد في تقرير لجنة التحقيق ويوجه الاتهام إلى الوزير أو الحكومة ككل ، وبالتالي على الوزير الاستقالة لأن توجيه الاتهام يعلى فقدان الثقة ، أو أن المجلس لا يقتنع بما جاء في التقرير بسبب عدم احتوائه على ما يشير إلى أي تقصير أو إهمال وبالتالي فإنه يقرر حفظ الموضوع واعتباره منتهيا .
المطلب الثاني : الخاصيات الأساسية للنظام الرئاسي إن الأساس الأول في النظام الرئاسي هو انتخاب رئيس الدولة من قبل الشعب ، وبالتالي لا يمكن تطبيق هذا النظام سوى في الدول الجمهورية ، كما أن الرئيس في ظل هذا النظام يتمتع بمكانة متميزة نظرا للاختصاصات والصلاحيات المخولة له ولعل ما يميز النظام الرئاسي مقارنة بالنظام البرلماني هو مبدأ فردية السلطة التنفيذية ومبدأ استقلال السلطة التنفيذية اتجاه السلطة التشريعية
الفرع الأول : أحادية السلطة التنفيذية ومزاولة الرئيس للسلطة الفعلية إن أول ما يميز النظام الرئاسي هو رجحان كفة رئيس الدولة في ميزان السلطات واعتباره السلطة العليا على مستوى الجهاز التنفيذي ، كما أن رئيس الدولة في مثل هذا النظام هو صاحب السلطة الفعلية دون الوزراء وترتكز السلطة في يده ويمارس مهام الحكم ، فإن السلطة في ظل النظام الرئاسي تحكمها مجموعة من السمات مقارنة بباقي الأنظمة الدستورية الأخرى
أولا : سلطة رئيس الدولة فعلية وأحادية ترتكز السلطة التنعينية في ظل النظام الرئاسي بين يدي رئيس الدولة فهو المالك الحقيقي لها ، ودعامة ذلك هو أن انتخابه كليا يتم من قبل الشعب عبر انتخابات مباشر هو يمارس بشكل كامل الاختصاصات المرتبطة بالسلسلة التنفيذية إما بشكل مباشر أو غير مباشر عبر وزرائه ، فهو رئيس الدولة وفي نفس الوقت رئيس الحكومة ، مما يؤدي إلى القول بأن مختلف الوزراء يرتبطون به مباشرة ، حيث أنه هو الذي يختارهم ويعينهم ويمكن له أن يقيلهم ، إن رئيس الدولة في ظل النظام الرئاسي يظل هو المالك الحصري للسلسلة التنسيقية ، أما نائب رئيس الدولة الذي يتم اختياره في نفس وقت اختيار رئيس الدولة فهو يقوم مقام الرئيس في حالة خلو منصب الرئيس ، ولا يمكن أن يقوم بأي دور سياسي إلا في حالة قبول رئيس الدولة بذلك ، كما أن اختياره يتم من قبل الرئيس نفسه
ثانيا : انتخاب رئيس الدولة يتم عبر الاقتراع العام المباشر أمام ما يتمتع به رئيس الدولة من سلطات واسعة كان من الضروري أن يستمد سلطنه من الإدارة الشعبية ومن الأغلبية المطلقة للناخبين ، إن مصدر قوة رئيس الدولة في النظام الرئاسي وتمتعه باليد العليا على مستوى الممارسة الفعلية للسلطة التنفيذية تكمن في طريقة اختياره التي تتم عن طريق الشعب مباشرة ، واعتماد هذه الطريقة في اختياره تضعه على قدم المساواة مع البرلمان ، إذ أن كلاهما يستمدان سلطتهما من الشعب مباش رة ، وعموما تبقى عملية الختيار رئيس الدولة في النظام الرئاسي بعيدة عن الإطار الضيق لمجلس النواب ، وهذه المسالة تظل أساسية بما أن الرئيس هو المكلف بقيادة سياسة الأمة وحق التمتع بشرعية تمثيل الجهاز التنفيذي المسؤول عن تلك السياسة
ثالثا : الجمع بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة في النظام الرئاسي إن الرئيس في إطار النظام الرئاسي يتقمص دور رئيس الدولة ورئيس الحكومة في نفس الوقت ، فهو يجمع بين السنتين في آن واحد ، فيمثل رئيس الدولة وحكومتها في نفس الوقت ، ويترتب على ذلك استقلاله بتعيين الوزراء وإقالتهم وكذا تقرير مسؤوليتهم أمامه دون البرلمان ، بالإضافة إلى حصر جميع السلطات التنفيذية في شخصه ، فهو العامل الأول والمحرك الأساسي للسلطة التنفيذية
رابعا : الوزراء لا يمثلون حكومة جماعية ومتضامنة ان الوزراء في ظل النظام الرئاسي لا يستلون حكومة بالمعنى المتعارف عليه في النظام البرلماني ، أي أنهم لا يشكلون جهازا جماعيا ومتضامنا ، إذ أن كل وزير مكلف بتنفيذ سياسة الرئيس الذي يتمتع دائما بوضع حد لمهام الوزير أن رأى ضرورة ذلك ، فالوزراء مجرد تابعين للرئيس ولا يعدو أن يكونوا عماله الشخصيين الذين لا يملكون الحي اد عن السياسة التي رسمها لهم ، فالوزراء في النظام الرئاسي لا يستقلون سياسة خاصة بتفردون بها ، فيما يخص اعتبار رئيس الدولة هو صاحب السلسلة الفعلية والقانونية للسلسلة التنفيذية بشكل كامل ، والمسؤول عن سياسة الدولة داخليا وخارجا يترتب عنه عدم وجود مجلس للوزراء أو مجلس الحكومة كما هو الشان في النظام البرلماني ، غير أن هذا لا يمنع من اجتماع رئيس الدولة بوزرائه في النظام الرئاسي ، إذ لا مانع من قيامه بدعوتهم للتشاور معهم ، فالمناقشات التي تدور في الاجتماعات لا يراد منها سوى إبداء وجهات النظر فيما يعرضه الرئيس من موضوعات وتقديم مقترحات بشأنها ، لكن الرئيس لا يكون مفيدا بما تفسر عنه هذه المناقشات من توصيات ، فهذه الاجتماعات هي مجرد وسيلة استشارية ، وليست أداة جماعية للحكم كما هو الحال في النظام البرلماني ، فالوزراء لا يستطيعون خلال هذه الاجتماعات أن يفرضوا على الرئيس أي رأي حتى وإن كان ذلك بإجماع الأصوات .
الفرع الثاني : الاستقلال المتبادل لرئيس الدولة ( السلطة التنفيذية ) والبرلمان ( السلطة التشريعية ) ان ما يمثل خاصية أساسية للنظام الرئاسي في كون الأجهزة التنفيذية ( الرئيس والوزراء ) يتمتعون ب كامل الاختصاص على مستوى السلطة التنفيذية ، من جانب آخر فالأجهزة التشريعية ( المجالس المكون للبرلمان ) تتمتع بكامل الاختصاصات فيما يتعلق بالسلطة التشريعية ، وبالتالي فإن كل واحد منهم يمارس مهامه واختصاصاته خلال فترة كاملة ولا يهم دون أن تتمكن أي جهة من وضع حد للأخرى قبل انقضاء مدتها المحددة ، ولقد ترتب عن هذا الأمر نتيجتين أساسيتين
النتيجة الأولى : وهي أنه لا يمكن لأي جهاز من الناحية المبدئية التدخل بأي شكل من الأشكال في ممارسة الوظائف المخولة – للآخر ، فالرئيس لا يمكنه أن يساهم في الوظيفة التشريعية ، كما أنه أيضاً لا يمكن للمجالس أن تتدخل في اشتغال السلطة
النتيجة الثانية : لا يمكن لأي جهاز أن يمارس ضغوطات على الجهاز الآخر أو أن يعمل شده ، فالرئيس لا يملك سلطة إعلان على المجلس ، كما أن هذا الأخير لا يملك بدوره إثارة مسؤولية الرئيس ، إذ أن كل جهاز يضمن الاستمرار في ممارسة السلطة بمجرد انتخابه ، طيلة المدة المحددة له
أولا : تجليات استقلال السلطة التنفيذية عن السلطة التشريعية هناك عدة مظاهر تتجلى من خلالها مسألة استقلالية السلطة التنفيذية عن التشريعية ، نذكر منها
أ– استقلال الوزراء عن الجه از التشريعي : النظام الرئاسي لا يفرض توفر ثقة البرلمان لأعضاء الحكومة ، فالوزراء لا يحتاجون للاستمرار في مزاولة مهامهم سوى اللغة الرئيس ، وبالتالي لا يستطيع أي عضو في البرلمان توجيه الأسئلة أو الاستجوايات أو ملتمس توجيه وتنبيه أو طلب استيضاح للوزراء حول مشكلة ما أو مسألة معينة به
ب- عدم ولوج الوزراء إلى البرلمان بصفتهم الوزارية : ان انتقاء العلاقة بين منصب الوزير والبرلمان يحجب عنهم حق الدخول إلى المجلس بصفتهم الرسمية ، فهم يستطيعون الولوج إلى قاعات المجلس باعتبار هم زائرین ، شأنهم في ذلك شأن الأفراد العاديين ، وإذا حضروا فإنهم يجلسون في شرفة الزائرين دون أن يكون لهم حق المناقشة أو الاشتراك في المداولات التي تجري في المجلس ، كما ليس لهم حق التصويت
ج- ليس للبرلمان حق مراقبة الوزراء : ان من بين أهم تجليات استقلال السلطة التنفينية على التشريعية تكمن في عدم أحقية أعضاء البرلمان توجيه أسئلة أو استجوابات البرلمان ، كما أنه ليس من اختصاصهم انتقاد سياسة الحكومة أو توجيه الخطاب إلى أحد أعضائها ، بالإضافة إلى عدم أحقيتهم في تحريك المسؤولية السياسية في وجه رئيس الدولة باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية ، لكونه يتم انتخابه من طرف الشعب عبر آليات الاقتراع العام المباشر ، وبالتالي فإن مسؤوليته لا يمكن إثارتها إلا أمام الشعب الذي يستمد منه شرعية سلالته ، أما الوزراء فيم تابعين له وهم مسؤولون أمامه
ثانيا : تجليات استقلال السلطة التشريعية عن التنفيذية ان استقلالية السلطة التشريعية عن التنفيذية تتجلى لنا في مستويات عدة ، منها أن ليس من حال رئيس الدولة دعوة البرلمان للانعقاد أو القيام بإنهاء دوراته.
وبالتوفيق للجميع ان شاء الله. للمزيد من الدروس أنظر في الاسفل 👇💙