الفقرة الأولى : تعريف المسؤولية المدنية
المسؤولية بصفة عامة هي تشخيص لحالة الفرد الذي اقترف أمرا من الأمور يستلزم التبعة والمؤاخذة ، وفي المجال المدني هي المؤاخذة عن الأخطاء التي تضر بالغير وذلك بإلزام المخطئ بأداء التعويض للطرف المضرور وفقا للطريقة والحجم الذين يحددهما القانون .
وتفيد أيضا التزام الشخص بتعويض الضرر الناتج عن فعله الشخصي أو فعل من هم تحت عهدته ، أو تسببت فيه الأشياء التي يملكها أو التي يتولى حراستها . والمسؤولية عموما قد تكون أدبية وقد تكون قانونية .
فهي أدبية إذا ارتكب الشخص إثما أو اقترف خطيئة تتنافي مع الأخلاق والآداب العامة ، فيتعرض ذلك الشخص لغضب الله ولتأنيب الضمير ولسخط الجمهور . وتكون قانونية إذا خالف الشخص قاعدة من القواعد المقررة قانونا .
ومخالفة قاعدة قانونية تجعل مسؤولية الشخص إما جنائية ، إذا كان الفعل المرتكب أو الامتناع يخالف قاعدة يحتويها القانون الجنائي .
أو مدنية وتكون في الحالة التي يخل فيها الفرد بالتزام تعهد بالوفاء به إما بموجب الاتفاق ، حيث تكون مسؤوليته المدنية عقدية ، أو بموجب القانون حيث تكون مسؤوليته المدنية تقصيرية ، وهو موضوع الفقرة الثانية من هذا المطلب .
الفقرة الثانية : أنواع المسؤولية المدنية
تذهب جل التشريعات المدنية المعاصرة إلى تبني الازدواجية في نظام المسؤولية المدنية . فقسمها إلى مسؤولية عقدية ومسؤولية تقصيرية.
فتكون المسؤولية عقدية في حالة إخلال المتعاقد بأحد الالتزامات التي تجد مصدرها في العقد الذي يربطه بالمتعاقد الآخر . فإخلال البائع بالتزامه بالتسليم ، سواء تم هذا الإخلال في شكل عدم التسليم الكلي أو الجزئي للمبيع ، أو التأخر في التسليم عن الموعد المتفق عليه ،
أو التسليم في غير المكان المحدد في الاتفاق يجعله مسؤولا مسؤولية عقدية اتجاه المشتري ، أو إخلال المشتري بالتزامه بأداء الثمن ، أو أدائه بغير الطريقة المتفق عليها والمحددة في العقد يرتب في ذمته مسؤولية عقدية في « ذمة البائع.
فباعتبار العقد الصحيح شريعة المتعاقدين ، فإن الالتزامات المترتبة عنه باعتبارها نتاج إرادة الطرفين المتعاقدين ، تقوم مقام القانون في تأطير العلاقة التي تربط بينهما .
بحيث يكون كل طرف ملزم بتنفيذ ما ترتب بذمته من التزامات اتجاه الطرف الآخر . وكل إخلال من جانبه يرتب مسؤوليته بتعويض الطرف المتضرر عن الضرر الناتج له جراء هذا الإخلال .
ينص الفصل 263 ق ل ع على ما يلي :
” يستحق التعويض إما بسبب عدم الوفاء بالالتزام وإما بسبب التأخر في الوفاء به ، وذلك ولو لم يكن هناك أي سوء نية من جانب المدين “.
أما المسؤولية التقصيرية ” فتقوم على الإخلال بالتزام قانوني واحد لا يتغير هو الالتزام بعدم الإضرار بالغير ” .
وهو التزام عام يقع على عاتق كل فرد عضو في جماعة منظمة . غالبا ما يتخذ طابع التزام سلبي بالامتناع عن كل عمل من شأنه إلحاق الضرر والأذى بالغير . سواء وجد هذا الالتزام مصدره في قاعدة تشريعية أو كان نابعا من النظام العام المجتمعي الذي يفرض على كل فرد عدم الاعتداء على حقوق الغير ، وعدم عرقلة هذا الغير في ممارسته الحقوقه .
وإذا ما حصل هذا الإخلال فإن المتسبب في الضرر يكون مسؤولا مسؤولية تقصيرية اتجاه الطرف المتضرر تلزمه بتعويضه عن الضرر الحاصل له من جراء هذا العمل المخالف للقانون أو للنظام العام المجتمعي كما سبق القول .
وذلك استناد على الفصل 77 ق ل ع الذي ينص على مايلي : ” كل فعل ارتكبه الإنسان عن بيئة واختيار ، ومن غير أن يسمح له به القانون ،
فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير ، ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر إذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر . وكل شرط مخالف لذلك يكون عديم الأثر ” .