ملخص مادة القانون الجنائي العام بين النظري والتطبيقي S2

تعريف الجريمة تعريف الجريمة مسألة فقهية تطرق إليها العديد من الفقهاء والفلاسفة ، وكل منهم انطلق في تعريفه من منطلقاته الفكرية والفلسفية . ويحسن بنا أن نتطرق لتعريف الجريمة من حيث المفهومين العلمي والقانوني وذلك في مبحثين تخصص الأول لتعريف الجريمة من حيث المفهوم العلمي والثاني من حيث المفهوم القانوني .

تعريف الجريمة من حيث المفهـوم العلمـي يمكن تعريف الجريمة من حيث المفهوم العلمي بأنها : « كل عمل أو امتناع ضار بالمجتمع ، نص عليه المشرع أو لم ينص ، فهو لا يهتم إلا بفكرة الدفاع عن المجتمع ، وبالتالي يحارب كل ما من شأنه أن يخل بذلك ، ويعتبره جريمة ، اعتبره المشرع كذلك أو لم يعتبره » ( 7 ) وعلى هذا الأساس يمكننا أن نجد أنفسنا أمام أفعال تعتبر في نظر علم الإجرام جرائم ولا تعتبر كذلك في نظر القانون ، والعكس صحيح ، إلا أنه لا يجب المبالغة في هذا الاختلاف بين المفهومين ، فمجال الخلاف بينهما ضيق ذلك أن المشرع وكلما دعت الضرورة إلا ويتدخل لتجريم الأفعال التي تلحق ضررا بالمجتمع وبكيانه ، ومع ذلك يجب الاعتراف بأن التطور العلمي المدهش الذي تعرفه البشرية يستبع بالضرورة تطور الجريمة والأفعال الضارة بالإنسان ، وهو ما يصعب على المشرع مواكبة كل هذه الأفعال ، إنما الذي يتعين الإشارة إليه هو أن الهوة بين المفهومين تجرم الفعل أو الترك وتعاقب الفاعل ، وهو ما يعبر عنه بمبدأ شرعية التجريم والعقاب ، ثم إن الجرائم من حيث الركن القانوني تقسم إلى تقسيمات عديدة .

المبحث الأول : مبدأ شرعية التجريم والعقاب

إن هذا المبدأ الذي يتضمن شرعيتي التجريم والعقاب يقابله في التشريع الإسلامي قول الله سبحانه وتعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) ( 12 ) ، أي أن الشريعة الإسلامية لا تعاقب الفرد قبل أن تبعث إليه الرسول الذي يبين له الواجب والحرام والمكروه والمندوب والمباح ، فلا منطق يقبل عقاب شخص على فعل لا وجود لنص يجرمه . فإذا كان المنطق العظيم الذي يتجلى في الآية الكريمة المشار إليها أعلاه يعـون حقوق الفرد من حيث عدم عقابه إلا بعد تبيان الفرض والمحظور فما بالك بالنسبة للقانون الوضعي فهو الأولى باحترام هذا المبدأ وتطبيقه تطبيقا سليما . والتشريعات الحديثة تنص على هذا المبدأ استنادا إلى قاعدة « لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص والمشرع المغربي أشار إلى هذا المبدأ في الفصل الثاني من قي . ج : « لا يسوغ مؤاخذة أحد على فعل لا يعد جريمة بصريح القانون ولا معاقبته بعقوبات لم يقررها القانون » . الفائدة . هذا المبدأ وما هو تقييمه وما هي النتائج التي ترتبت عليه لكن ما هي عند تطبيقه تطيقا سليما وهو ما نعالجه في مطلبين :

المطلب الأول : الفائدة مبدأ شرعية التجريم والعقاب ، وتقييمه

المطلب الثاني : النتائج المترتبة على مبدأ شرعية التجريم والعقاب .

المطلب الأول : الفائدة من مبدأ شرعية التحريم والعقاب وتقييمه

خلال تقييم هذا المبدأ يمكن استخلاص فوائد في مصلحة الفرد والجماعة . فمن مصلحة الجماعة أن تعرف مسبقا الأفعال المجرمة لتجتنبها ، والأفعال المباحة لتأنيها ، ولن يستقيم الأمر في تحقيق ما ذكر إلا إذا تكفل المشرع المنتخب بصفة قانونية وديمقراطية بمهمة التجريم والعقاب . مصلحة الفرد د أن تحمي حقوقه في مواجهة المشرع والقاضي ، ومبدأ شرعية التجريم والعقاب يغل يد المشرع الذي لا يستطيع أن يشرع لأفعال سابقة إلا في حدود ضيقة واستثنائية ولمصلحة المجتمع ، وبكبل يد القاضي الذي لا يمكنه أن يعاقب على أفعال لم يجرمها المشرع ، ولا أن يطبق عقوبات لم يقررها القانون .

المطلب الثاني : النتائج المترتبة على مبدأ شرعية التجريم والعقاب

تترتب على هذا المبدأ قاعدتين أساسيتان هما : قاعدة عدم رجعية القانون ، وقاعدة عدم التوسع في تفسير القانون الجناني وهو ما ندرسد في الفقرتين التاليتين : 4

  • الفقرة الأولى : قاعدة عدم رجعية القانون

هذه القاعدة تدرس عند طرح السؤال المتعلق بتاريخ تطبيق القانون من حيث الزمان . هو وبعبارة أخرى عندما يقرر القانون نصا قانونيا ، متى يطبق هذا القانون ؟ هل من تاريخ إقراره من طرف البرلمان مثلا ؟ أو من تاريخ إعطاء الأمر بتنفيذه ؟ أم من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية .

الواقع أن الهدف اطلاع المكلفين على القانون الذي سيطبق عليهم حتى لا يحتج عليهم بقاعدة : « لا يعذر أحد بجهله القانون » ، ولتحقيق ذلك فإن النشر هو الطريقة الوحيدة لإعلام المكلفين بالقانون وبالتالي فهو الذي يعلن عن ميلاد القانون وعن تاريخ سريان القانون من حيث الزمان .

فالقانون يجب أن ينبه قبل أن يعاقب . وهذا ما قرره المشرع المغربي في الفصل الرابع من قي . ج : « لا يؤاخذ أحد على فعل لم يكن جريمة بمقتضى القانون الذي كان ساريا وقت ارتکابه » . ولأهمية قاعدة عدم رجعية القانون فقد رسخها الدستور المغربي المراجع والمصادق عليه باستفتاء 13 شتمبر 1996 في الفصل الرابع : « القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة ويجب على الجميع الامتثال له ، وليس للقانون أثر رجعي » .



  • الفقرة الثانية : قاعدة عدم التوسع في تفسير القانون الجناني

ويحق لنا أن نتساءل فيما إذا كان لهذه القاعدة استثناءات أم لا ؟ إن الأمر يختلف فيما إذا تعلق الأمر بقوانين الموضوع أم بقواعد الشكل .

عند وضع النص القانوني من طرف المشرع فإن هذا الأخير يتوخى أن يكون هذا النص واضحا لا يكتنفه الغموض ولا يحتاج إلى تفسير إلا أنه قد تاتي صياغة بعض النصوص ركيكة وغير واضحة خصوصا عندما تكون مصاغة باللغة الفرنسية وتترجم إلى العربية من طرف غير المتخصصين وفي هذه الحالة يتوجب تفسير النصوص الغير الواضحة والمبهمة حتى يسهل على القاضي تطبيقها تطبيقا مليما لأنه ممنوع عليه الامتناع عن تطبيق النص القانوني بحجة غموضه أو عدم وضوحه وإلا اعتأ- التفسير التشريعي :بر منكرا للعدالة وعوقب طبقا لمقتضيات الفصل 240 من ق ج ( 13 )

فعلى القاضي أن يسعى إلى تفسير النص للوصول إلى قصد المشرع لكن ليس الحد الذي يؤدي به إلى خرق مبدأ شرعية التجريم والعقاب وطرق التفسير المعروفة هي :

أ- التفسير التشريعي : وهو ملزم للمحكمة لأنه لا يخلق نصا جديدا ولكنه بوضح النص القديم

ب- التفسير الفقهي : وهو الصادر عن الفقهاء والباحثين والأساتذة والقاضي يأخذ به على سبيل الاستئناس ولا يفرض عليه ولا يلزم به

ج- التفسير القضائي أو الاجتهاد القضائي وفي موضوع التفسير القضائي أو الاجتهاد القضائي فإن النصوص القانونية الجنائية تتميز عن غيرها من النصوص القانونية بقاعدة عدم التوسع في تفسير القانون الجنائي . فإذا أخفى شخص شيئا منحصلا عن مخالفة فليس للقاضي أن يستعمل القياس ويطبق عليه مقتضيات الفصل 571 من ق.ج ، لأن هذا الفصل يتحدث عن الجنايات والجنح ولا يتحدث عن المخالفات ، فليس له أن يقيس إخفاء الأشياء المتصل عليها من على إخفاء الأشياء المتحصل عليها من جناية أو جنحة لأن من شأن ذلك خرق مبدأ شرعية التجريم والعقاب وبالتالي فإن احترام هذا المبدأ يقتضي تطبيق قاعدة عدم التوسع في تفسير القانون الجنائي ثم إنه ليس للقاضي أن يطبق النص الغامض لغير صالح المتهم ، فإذا بذل المجهود المطلوب ولهج الأساليب المسموح بها للتفسير ومع ذلك بقي النص غامضا فإنه يجب عليه في هذه الحالة أن يفسر النص لصالح المتهم لا ضده وأن يحكم ببراءته .

بعض القواعد مهمة ❤️



Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
Scroll to Top