المدخل الى علم السياسة S1 (طبيعة السياسة)

علم السياسة

 

طبيعة السياسة

السياسة هي نشاط بشري يمتاز به االنسان عن سائر الكائنات الحية وإطار هذا النشاط هو المجتمع ، فالسياسة ال تمارس في فراغ واالنسان ال يستطيع أن يعيش منعزال ، فالعزلة تعني الموت واالنسان بمفرده ال يمكن القيام بأي عمل فكل جهوده تذهب هباء وكل إمكانياته تبقى مجرد سراب ، وهذا ما عبر عنه طوماس هوبس عندما وصف االنسان في حالة الطبيعة ، فقال إن حياته منعزلة ، تعيسة ، خشنة ، بدائية وقصيرة ” فالعيش مع الجماعة ضرورة تتطلبها الحياة اإلنسانية ، وقال أرسطو في هذا الصدد ” إن االنسان الذي يعيش خارج المجتمع هو بهيم أو إله ” والمجتمع ال يشكل إطار النشاط السياسي وحسب وإنما يعتبر المادة التي يعطيها هذا النشاط شكال معينا ، فالسياسة تعنى تنظيم وتحقيق وحداته وتدعيمها ، وتدبير المؤسسات التي يقوم عليها ، وغطاء الممارسة هو الهيكل والبناء الذي من خ الله يسن القوانين والقواعد التي تبين الحقوق وااللتزامات التي يرتكز عليها الفرد ويعمل على تطبيقها ، وتطوير وتعديل هذه القواعد مرتبط بالتغيرات الحاصلة في الزمان والمكان بغية تحقيق الغاية التي تطمح السياسة إليها ، فالسياسة يمكن من خ اللها لإلنسان أن يحول المجتمع ويغيره ضمن حدود تفرضها معطيات الواقع االجتماعي ، وبالسياسة يتعزز وجود المجتمع ووجود الفرد .

[the_ad id=”365″]

ممارسة السياسة

إن تعريف السياسة بأنها نشاط مجتمعي يدفعنا إلى التساؤل عندما يقوم الفرد بهذا النشاط حيث يطرح التساؤل هل السياسة لكي تمارس تتطلب انخراط المجتمع بكافة افراده أم فئات معينة منه ولهذا فالسياسة ليست حكرا على الحكام وإنما تتعدى هذه الفئات الى أخرى من الشعب فكل مجتمع يوجد فيه اشخاص وفئات تتصارع على السلطة وأشخاص وفئات تعمل على التأثير في اتخاذ القرار من خالل ممارسة السياسة ، ولكن عمليا ليست السياسة عمل أفراد كافة المجتمع ، بحيث هناك ناس ال يهتمون مباشرة ب الشأن السياسي على الرغم من انعكاسات القرارات السياسية سلبا أم إيجابا على حياتهم .

إن الذي يسعى الوصول إلى سدة الحكم ال بد له أن يصطدم بقوى تعمل على احتالل المراكز القيادية في السلطة مما يفرض عليه مواجهة هذه القوى عبر العمل السياسي ، مستعمال األساليب التي تمكنه من استقطاب الجماهير وتجنيد كل القطاعات في صراعه على السلطة ، ولكن هذا ال يعني أن كل رجل سياسة يعمل بالضرورة لتحويل السياسة إلى مناورات وابتزازات ، فعلى السياسي أن يستعمل األساليب التي تؤدي به الى الحكم دون أن يتحول عمله الى مجرد مناورات ودعايات وخداع ، ألن السياسة غاية تتخطى هذه االساليب والغرق في ممارسات تؤدي إلى انحراف السياسة عن أهدافها الأساسية .

إن وصول الشخص إلى سدة الحكم يمثل ممارسة للسياسة من موقع المسؤولية الرسمية ، وأن أي قرار يتخذ يطال المجتمع بشكل شامل وتأثيره قد يكون مباشرا وغير مباشرا في حياة كل فرد من أفراده ، هذا الواقع يؤدي بالعمل بالسياسي الى الخروج عن نطاق التنافس على تبوء المراكز القيادية ويدفع مختلف القوى للعمل على التأثير على القرارات التي يتخذه ممثل السلطة ، ولذا فالعمل السياسي لا يقتصر على من يتخذ القرارات وإنما يتعداه إلى من يؤثر في اتخاذها ، وهنا يظهر دور القوى المختلفة في العملية السياسية وهو دور يتعاظم في ظل الأنظمة الديمقراطية حيث المجال واسع أمام الشعب للمشاركة في الحكم والتأثير في إتجاهاته ، والقول بأن السياسة نشاط بشري يقودنا إلى البحث عن الغاية التي يهدف إليها هذا النشاط الا وهي تحقيق غاية ما .

[the_ad id=”351″]

غاية السياسة

رأينا أن من طبيعة االنسان أن يعيش في مجتمع ما ألن الفرد ينشأ ويتطور وينمي شعور إنتمائه للجماعة بحكم الحاجة الى هذا النمط من الحياة ، وهذا الانتماء يؤسس لقيمة مشتركة وهي الإحساس بأهمية الجماعة والعيش المشترك ضمن جماعات منظمة بفعل وجود مصلحة وضرورة تبرر استمرارية هذا النمط من الحياة ، ألن الإنسان غايته من الحياة هو العيش على هدف ما يحقق حقوقه وأقلها الحق في الحياة ، والمصلحة المشتركة ال تعني مصلحة الأفراد وال الجماعات المكونة للمجتمع وال مصلحة الدولة كونها دولة وإنما خير المجتمع بكامله ، أي المجتمع الذي ينصهر فيه الأفراد والجماعات بصفتهم أعضاء مكونين لمؤسسة هي الدولة إن إدراك أعضاء المجتمع للمصلحة المشتركة والوعي بأهميتها ال يكفي بل يجب إيجاد ضامن موضوعي لهذه المصلحة وهو الإيمان بالوظيفة السياسية ، فكل مجتمع مكون من مجموعة من العالقات بين األفراد والجماعات ، والأفراد بحكم إنتمائها لهذا المجتمع من خلال ) العائلة ، النادي ، النقابة ، التعاونية ، الحزب ، المقاولة ( ، وهذه العالقات متداخلة مع بعضها البعض بسبب إنتماء الفرد إلى عدة جماعات في أن معا إن هذه الجماعات تترابط فيما بينها لتكون مجتمعا كامال يشكل وحدة سياسية بحكم الوعي الجماعي والمصلحة المشتركة ، ولكن هذه الوحدة تضل عرضة للتفكيك بسبب التناقضات الناتجة عن المصالح الفردية والفنوية الضيقة والمتنوعة والمتنافرة أحيانا من هنا ضرورة العمل الدؤوب للحفاض على وحدة المجتمع السياسي وتماسكه ، وهذا لا يكون إلا بالتأكيد على وجود قيمة مشتركة للجميع تتعدي أهداف كل من األجزاء المكونة للمجتمع ، هذه القيمة ال يمكن أن تكون اال بوجود المجتمع نفسه ، فعندما تعي الجماعة ذلك يظهر المجتمع السياسي ، ألن السلطة تعبر عن حقيقة عائدة لغاية مجتمعية تعلو الغاية الخاصة للجماعات الثانوية ، وتصبح الغاية األساسية للسياسة الحفاض على وجود المجتمع الشامل أي المجتمع السياسي ، ألن كل الجماعات واألفراد يستمدون وجودهم من وجوده ولذا فالحفاض على المجتمع يكون بتأمين الوفاق الداخلي واالزدهار وتحقيق ا لأمن الخارجي .

للمزيد من الدروس أنظر للأسفل 👇♥️

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
Scroll to Top