سطو كبير على إطار أكبر من أن يتم السطو عليه.
هذا ما يستشفه القارئ المتمعن للساحة السياسية الوطنية وامتداداتها داخل الجامعة المغربية من الأحداث الأخيرة بجامعة عبد الملك السعدي كلية الآداب والعلوم الإنسانية مرتيل/تطوان. سطو بقيادة “العدل والاحسان”، متسلحا بالسيف أولا (مجددا)، أو كما يقولون، عبر الحوار والنقاش، من خلال أيام وطنية خصصت لإفراز تعاضيات الكليات.
كشاهد على أغلب تفاصيل ما جرى، وكطالب يعاني ويلات التحصيل العلمي بالمغرب، ويحاول بمعية الجماهير الطلابية انتزاع كل ما من شأنه تحسين ضروف تحصيلنا العلمي، والوقوف عند الشأن السياسي كلما استدعت الضرورة ذلك بغية تغيير جذري لمشاكل جذرية تسم واقعنا المعاش عبر معارك نقابية يأطرها الإتحاد الوطني لطلبة المغرب، وكطالب بذات الكلية لم يتعرض يوما لأي نوع من المضايقات من داخل أسوارها ولم يشهد يوما على حمل الأسلحة البيضاء بين ممراتها إلى أن تواجدت الجماعة المشبوهة وأذيالها الغرباء عن الجسد الطلابي بها، لا يمكنني إلا أن أندهش، لا من ممارسات هؤلاء للعنف الرجعي المتطرف ثم استخدامهم لنفوذهم لغزو وسائل الإعلام بروايات محرفة عما جرى فصفات الإسلام السياسي كما يرويها التاريخ بالمغرب وخارجه صارت واضحة حتى لمن لم يهتم يوما بالسياسة، بل من وقاحتهم التي وصلت حد الاعتقاد أن الطلبة بهذا الموقع وباقي المواقع سينساقون وراء أكاذيبهم الرعناء.
ما حدث ردة فعل مخطط لها لفعل لا بد منه.
فعندما أشار مناضلو الإتحاد الوطني لطلبة المغرب لهؤلاء بأصابع التاريخ مزيحين الستار عن كل الدموية التي تطبع كينونتهم استجابة للمنطق السليم ولمبادئ النضال السديد، استنفرت الجماعة مواردها البشرية والمالية من ذوي السوابق ومن أبواق إعلامية مؤدلجة ومن متعاطفين أثر فيهم خطاب الجماعة الإسلامي في ظاهره، من أجل نهج ما كان أقرب لتكتيك الأراضي المحروقة. حشر المتعاطفين في استفزازات ومناوشات أريد بها أولا وضعهم في دوامة من عدم الفهم سوِّد فيها الخوف من الآخر “الشيطان”، “الكافر”، “فَّطار رمضان”، ثم الاعتداء الجسدي على مناضلين بالموقع تلاه تدمير كلي لمرافق وممتلكات الطلاب والكلية، ثم الاشتكاء والتباكي عبر كل الوسائط من أجل نشر صورة مشوهة لطالما اجتهد الانتهازيون وخدام النظام في نشرها مستهدفين النضالات الشعبية بشكل عام وبشكل خاص فصيل الطلبة القاعديين (تصور الكراس العتيد ١٩٨٤) . وما حجم الاستثمار الذي وضعته الجماعة اليوم في محاولتها المستميتة لإقحام الكراس في معادلتها الانتهازية الضيقة الأفق إلا دليل على النية المبيتة في نفس يعقوب.
أية نية؟
البحث عن سوق جديد لأفكار لم يعد يستسيغها العقلاء، من أجل بداية جديدة بعد إحراق النظام لورقة الإسلاميين عبر إذلال ممثلهم في حكومتين سابقتين، حزب العدالة والتنمية، وانكشاف انتهازيتهم أمام الجماهير الشعبية.
إذ لا استمرارية من دون شبيبة مجتهدة “تسمع الكلام” ولا بديل عن الجامعة المهمشة للبحث عن هؤلاء. كيف نعود إذن؟ نقدم خدمة للنظام ونجمع شتاتنا من الصفر، نفرض أنفسنا بالقوة.. نصادر الإتحاد الوطني لطلبة المغرب من طلبة المغرب.

كم التساؤلات التي تطرح نفسها في هذا الصدد لا نهاية لها!
فلا طرح جماعة العدل والإحسان السياسي ولا ممارستها من داخل الجامعة المغربية يتماشى والطابع اليساري لأوطم أو ينسجم مع مبادئها الأربع. إذ أنه طرح يميني متطرف يقوم على فتاوى تستبيح دماء المناضلين، وممارستهم محكومة بالقرارات الفوقية التي تمليها قيادات الجماعة من خارج الجامعة. أين الديمقراطية إذن؟ وأين الإستقلالية؟
كما يشهد التاريخ علئ تخاذل هؤلاء في كبريات المعارك النضالية التي خاضها الشعب المغربي من أجل تحرره، واليوم ما يزالون يلعبون نفس الأدوار الرجعية المنوطة بهم؛ أبدا لم يشهد لهم حضور في نضالات طلبة الموقع. أين كانوا؟ تسقط الجماهيرية عنهم إذن، وتسقط التقدمية معها.
ولا يبقى شيء ليتمسك به هؤلاء في سقوطهم المدوي من أعين طلبة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، فينسحبون لمستنقع فرض الرأي بالقوة والتدليس!
حديثنا عن هؤلاء لا ولن ينتهي.. ولن نتوانا عن فضح حقيقتهم. فما يحدث بمباركة النظام من أجل تشويه صورة الجامعة المغربية وإعطاء ذرائع جديدة لعسكرتها داع من دواعي النضال، والإستماتة في الدفاع عن مكتسبات الشعب المغربي مسؤولية كل الغيورين المبدئيين.
عاش الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، اطاراً جماهيرياً، ديمقراطياً، تقدمياً ومستقلا.