محاضرات في مادة الحقوق العينية و التحفيظ العقاري القانون الخاص S5
الأستاذ أحمد الوجدي
الأستاذة أحلام عليمي
مقدمة
تتميز الثروة الطبيعية بالمغرب المتمثلة في الرصيد العقاري بشكل عام، بأهمية نظرا
للطبيعة الفلاحية للمجتمع المغربي.
وإذا كانت أوروبا عامة، وفرنسا خاصة، قد قطعت أشواطا من اجل تطوير وتحديث أنظمتها العقارية، فانه بالنسبة للمغرب فرغم مرور أزيد من قرن على اغلب أنظمته العقارية، فانها ما زالت تعاني من الطابع الاستعماري الذي وضعه المستعمر الفرنسي جلبا لمصالحه، وحمايتها من دعاوى الاستحقاق، التي بواسطها كان للقضاء المغربي
– أثناء فترة الاستعمار- فضل كبير في حماية الملكية العقارية بالمغرب، فكان رد المستعمر إصدار قوانين عقارية غاية في التعقيد حماية لمصالحه الضيقة، إذ وضعت وضعا، فهي ليست إفرازا طبيعيا للمجتمع المغربي، وإنما هي عملية إسقاط لا علاقة لها بإنشاء القاعدة القانونية التي من خصائصها أنها اجتماعية، ومعلوم أن أي استعمار إذا حل ببلد أفسد أرضها قبل عبادها من خلال وضع تشريعات سيئة، لأن العقار كان محور اهتمام المستعمر الفرنسي.
وكان علينا حين خروج المستعمر من بلادنا،
الاستفادة من المبادئ الهامة التي على أساسها وضعت التشريعات العقارية بأوروبا منذ منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، إذ لا يمكن تحديث قواعد القانون العقاري المغربي دون الاستفادة من الحلول المكرسة في الأنظمة العقارية المقارنة ،
لكونها تتبنى توجهات حديثة أثبتت الممارسة تأثيرها الواضح على جانب التنمية، وهو ما يستشف من الخطابات الملكية السامية طيلة العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين.
وتأثرت النظرية العامة للأموال بالعولمة التشريعية والاقتصادية، وانخرطت في مسار التحديث، وظهور الاقتصاد اللامادي، وأنماط جديدة من التعامل عن بعد، لم يكن أحد يتوقعها،
وقد فرض هذا الواقع الجديد على المشرع المغربي وتفاعل القاعدة القانونية مع التطورات التقنية من خلال تشريعات تواكب التطورات الحديثة، بما في ذلك نظرية الأموال والقوانين ذات الصلة بها.
اولا: الحقوق العينية الأصلية والتبعية. تشتمل مدونة الحقوق العينية على 334 مادة، موزعة على فصل تمهيدي، وكتابين اثنين.
الأحكام العامة.
فالفصل التمهيدي خصص للأحكام العامة المواد من 1 إلى 7.
أما الكتاب الثاني فقد خصص للحديث عن أسباب كسب الملكية والقسمة من خلال المواد (النظرية الحديثة).
احلام عليمي
تطرق الكتاب الأول للحديث عن الحقوق العينية العقارية من خلال المواد 8 إلى 221.
222 إلى 334. فالفصل التمهيدي تضمن الإشارة إلى نطاق تطبيق مدونة الحقوق العينية، وطبيعة الحقوق المقيدة في الرسوم العقارية، والحيازة المستوفية لشروطها القانونية، وقواعد
الترجيح بين الحجج، وطبيعة التصرفات المتعلقة بنقل الملكية. وأخيرا الإشارة إلى الأموال والأشياء العقارية وتقسيماتها، وهي العقار بالطبيعة، وبالرجوع إلى المادة الخامسة نلاحظ ان المشرع المغربي أخذ بالمفهوم العام للمال،
والعقار بالتخصيص.
بحيث يشمل الأشياء والأموال العقارية.
المال هو كل شيء له قيمة اقتصادية عقارا كان أو منقولا.( النظرية التقليدية).
المال هو الحق ذو القيمة الاقتصادية ، والشيء هو المحل الذي ينصب عليه الحق.
أما الكتاب الأول والمخصص للحقوق العينية العقارية، فتم الحديث فيه عن الحقوق العينية الأصلية عبر تحديد مفهوم الحق العيني( المادة 8)، ثم حصر الحقوق العينية الأصلية (المادة9)، والحق العيني التبعي ( المادة 10)، وأنه لا يمكن إنشاء حق عيني غير الذي نصت عليه المادة 9 إلا بموجب قانون، مع الإشارة إلى مفهوم الدعوى العينية العقارية.
1) الحقوق العينية الأصلية
بالرجوع إلى المادة 9 نجدها عرفت الحق العيني الأصلي، ثم حصرته بقولها:
” الحق العيني الأصلي هو الحق الذي يقوم بذاته من غير حاجة إلى أي حق آخر يستند إليه.
حق الاستعمال. حق الزينة. الحقوق العينية الأخرى.
والحقوق العينية الأصلية هي :
6
محاضرات في مادة الحقوق العينية و التحفيظ العقاري
أحمد الوجدي
حق الملكية
حق الارتفاق والتحملات العقارية.
حق الانتفاع.
حق العمري.
حق السطحية.
حق الكراء الطويل الأمد.
حق الحبس.
حق الهواء والتعلية.
الحقوق المعرفية المنشأة بوجه صحيح قبل دخول هذا القانون حيز التنفيذ.
حق الملكية:
يعتبر حق الملكية أهم الحقوق العينية، بل هو أصل جميع الحقوق ومنه تفرعت باقي
وتحدثت المدونة عن حق الملكية من خلال المواد 14 إلى 36، حيث نلاحظ أن المدونة خصصت لهذا الحق 23 مادة، في حين خصص لها المشرع الفرنسي المواد من
544 إلى 577 من ق م.
وقد أشارت المدونة إلى تعريف حق الملكية العقارية وعناصره ( المادة 14)، ونطاقه من حيث العلو والعمق وما يتفرع عنهما ( المواد 14 إلى 18)، أما قيود الملكية فقد قررت المدونة المبدأ وهو أن لمالك العقار الحرية في التصرف فيما يملك، وهذه الحرية
يجب ممارستها دون تعسف، (المواد 19 إلى 22)، والقيود إما قانونية، أو طبيعية، أو اتفاقية.
أحمد الوجدي
المادة 14: ” يحول حق الملكية مالك العقار دون غيره سلطة استعماله واستغلاله والتصرف فيه، ولا يقيده في ذلك إلا القانون أو الاتفاق”. ومن وجهة نظر الفقه الإسلامي فان ” الملكية حق عيني على شيء معين، تعطي صاحبها دون سواه الحق في استعمال ذلك الشيء، واستغلاله، والتصرف فيه، بدون تعسف وضمن الحدود التي رسمها القانون والنظام العام”.
ومن وجهة نظر الفقه الفرنسي فقد نصت المادة 544 من القانون المدني الفرنسي على أن: ” الملكية هي حق الانتفاع بالأشياء والتصرف فيها بشكل مطلق تماما، شرط أن لا يكون استعمالها محظورا بالقانون أو الأنظمة”. والملكية اما تامة وهي ملكية الرقبة والمنفعة، وإما ناقصة وهي ملكية المنفعة دون “لا ضرر ولا ضرار”، ” الضرر يزال ” ” الضرر لا يزول بالضرر أو مثله”، “الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف”، ” الضرر لا يكون قديما”. شرط مخالف لذلك يكون عديم الأثر”.
الرقبة
وينص الفصل 77 من ق ل ع على ان: ” كل عمل يرتكبه الإنسان عن نية واختيار، ومن غير أن يسمح به القانون ، فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير ، الزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر، إذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في إحداث الضرر،
ومعلوم أن جل التشريعات أخذت بنظرية التعسف في استعمال الحق في مجال المنازعات العقارية على أوسع نطاق، ومنها التشريع والقضاء المغربيين، عملا بالمبادئ والقواعد الخاصة بها.
الدرس يتبع ..