مفهوم علم الاجتماع السياسي
لم يظهر علم الاجتماع السياسي كعلم مستقل عن حقل الاجتماع وحقل العلوم السياسية إلا خالل الأربعينيات من هذا القرن وذلك لحاجة المجتمع إليه بعد اختالط الظواهر الأاجتماعية بالظواهر السياسية وتعقد أسباب الحوادث السياسية والآثار اتي تتركها هذه الحوادث على الإنسان والمجتمع. إن علم الاجتماع السياسي يدرس الظواهر السياسية دراسة تعتمد على خلفية البناء الاجتماعي طالما أن المؤسسات السياسية هي جزء من المؤسسات الاجتماعية البنيوية وأن الفعاليات والنشاطات السياسية تترك آثارها الفاعلة والعميقة على جميع مؤسسات ومنظمات المجتمع بحيث تتغير هذه من نمط لآلخر فترة زمنية محددة.
- تقديم حول درس علم الاجتماع السياسي
- تحميل دروس علم الاجتماع السياسي PDF
- مواد أخرى في شعبة الحقوق
- توصل بجديدنا!
إذن ظهر علم الاجتماع السياسي لدراسة الظروف والمتغيرات الاجتماعية التي تؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة في الحوادث والظواهر السياسية اتي تأخذ مكانها في المجتمع، ولتعليل وتفسير نتائج الحوادث السياسية على التفاعالت الاجتماعية والأنماط السلوكية في المجتمع. إضافة إلى أهميته وقدرته على تنبؤ الحوادث والظواهر السياسية التي ستقع في المجتمع من خالل دراسته وفحصه للمتغيرات والحقائق الاجتماعية المتعلقة بالنظام الاجتماعي ومكوناته البنيوية.
وأخيرا تبرز أهمية علم الاجتماع السياسي في حقيقة تشخيصه الأسباب المباشرة وغير المباشرة التي تكمن خلف فاعلية وديمومة ونشاط المؤسسات السياسية وما تتوصل إليه هذه المؤسسات من أحكام وقرارات تحدد العمل السياسي في المجتمع وترسم إطاره الخارجي وتضع فحواه الجوهري.
تعريف اخر
أن هناك تعاريفا كثيرة لعلم الاجتماع السياسي أهمها حسب اعتقادي التعريف الذي ينص: على أنه العلم الذي يدرس طبيعة التفاعل العلمي والدايلكتيكي بين الدولة والمجتمع. أي يدرس الفعل ورد الفعل والتجاوب المنطقي بين أجهزة المجتمع من جهة ومؤسسات الدولة من جهة أخرى. فمؤسسات الدولة بأنواعها المختلفة إضافة إلى الأحزاب السياسية والجماعات الضاغطة والإديولوجيات السياسية التي تظهر في المجتمع لها عالقة وثيقة بالمجتمع الذي توجد فيه وتتفاعل معه. وهذه العالقة تتجسد بالوظائف اتي تقوم بها المؤسسات السياسية للمجتمع من حيث إدارته وحكمه والسيطرة عليه وتوجيه فعاليته ونموه وتطوره في خط معين. فلوال وجود المجتمع لما ظهرت الدولة ولما ظهرت المؤسسات والاديولوجيات السياسية بأنواعها المختلفة. إن الدولة مع بقية التنظيمات السياسية الرسمية وغير الرسمية تخدم المجتمع في مجالات مختلفة وتعمل جاهدة في سائر الحالات على إشباع حاجاته وتحقيق طموحاته القريبة والبعيدة الأمد. ومن جهة ثانية لا يمكن للمؤسسات السياسية العمل والديمومة والنمو دون تعاون وتكاثف المجتمع معها.
المؤسسات السياسية الديمقراطية
فالمؤسسات السياسية الديمقراطية تنبعث من المجتمع وتعمل جاهدة على خدمته وتقدمه وسعادته. وإنها جزء من البناء الاجتماعي حيث أن التغير الذي يطرأ على الأخير البد أن يلمس هذه المؤسسات ويغيرها في اتجاه معين. كما أن تعاون الشعب مع المؤسسات السياسية من حيث إطاعة وتنفيذ أوامرها وقوانينها ومبادرته بتزويدها بالكادر البشري الذي تحتاجه سيساعد على نجاحها وتقدمها ويشحذ همم قادتها على العمل الجدي المثمر في سبيل خدمة المجتمع وتحقيق أهدافه القريبة والبعيدة الأمد.
وهناك تعريف آخر لعلم الاجتماع السياسي ينص على أنه العلم الذي يدرس طبيعة الظروف والعوامل الاجتماعية التي تؤثر في مجرى الأحداث السياسية في المجتمع، ويدرس كذلك أثر الأحداث السياسية في البنية الاجتماعية ومكوناتها التركيبية. إن علم الاجتماع السياسي بموجب هذا التعريف يدرس العوامل والمتغيرات الاجتماعية كالمتغيرات الاقتصادية والدينية والقيمية والعسكرية والأيديولوجية والتراثية التي تقف خلف الأحداث والقرارات السياسية التي تتوصل إليها القيادة في المجتمع.
إن علم الاجتماع السياسي يحاول تشخيص الأسباب والظواهر الاجتماعية المختلفة التي تكمن وراء الأحداث والوقائع السياسية كالثورات والانقالبات العسكرية والمظاهرات والمسيرات الاحتجاجية ذات المضمون السياسي والحروب والمعاهدات والاتفاقيات والبروتوكوالت وحوادث العنف السياسي … إلخ. فلو أخذنا ثورة الرابع عشر من تموز لعام 1958 التي قامت بها القوات المسلحة، ودرسنا أسبابها الاجتماعية والحضارية المباشرة وغير المباشرة لشاهدنا بأن هناك أسبابا اجتماعية وحضارية كثيرة تكمن خلف اندالع نيران هذه الثورة الوطنية وهذه الأسباب يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:
الأسباب :
1. خيبة الأمل والتداعي السياسي والاجتماعي والسيكولوجي الذي أصاب الأمة العربية بعد العدوان الثالثي على مصر عام 1956 .فالثورة جاءت لتضع حدا لهذا الانكسار والتداعي وتعيد ثقة الأمة العربية بنفسها وقدرتها الادبية والبشرية وتدفع العرب نحو الوحدة وجمع الشمل للوقوف بوجه التحديات الخارجية.
2. انخفاض المستوى الاقتصادي والاجتماعي بين المواطنين وانتشار البطالة والفقر والتخلف والمرض والأمية بينهم.
3. وجود الفوارق الطبية والاجتماعية بين المواطنين وعدم احترام السلطة ألبنائها ورعاياها.
4. عدم وجود الرضا والطمأنينة بين أبناء الشعب نظرا لتقصير السلطة في أعمالها ومهامها وفشلها في تقديم أية مكاسب أو منجزات لجماهير الشعب الكادحة والمظلومة.
5. فقدان القيم الاجتماعية والمثل الحضارية التي يصبو إليها الأفراد كالعدالة اااجتماعية والمساواة والديمقراطية والحرية.
6. تصدع الوحدة الوطنية بسبب المسألة الكردية ومسألة الأقليات القومية في القطر وبسبب كثرة الحركات والإيديولوجيات السياسية المتناقضة والمتنازعة بعضها مع بعض.
ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958
لجميع هذه الاسباب الاجتماعية والحضارية قامت ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 . وعلم الاجتماع السياسي يهتم بدراسة هذه الاسباب بعد فرزها وتشخيصها. ولكنه لا يكتفي بدراسة أسباب الحادثة أو الظواهر السياسية كالثورة مثال، بل يهتم بدراسة نتائجها وانعكاساتها على المجتمع وما تستطيع أن تقدمه لإلنسان والجماعة والكيان الاجتماعي برمته. فعلم الاجتماع السياسي يستطيع دراسة النتائج الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والحضارية للثورة.
وما تستطيع الثورة أن تقدمه ألبناء الشعب من مكاسب وطموحات تساعد على رفاهيتهم الاجتماعية وسعادتهم وازدهارهم كمواطنين يعتمد عليهم المجتمع. إن العالم الاجتماعي السياسي يستطيع بعد دراسته ألسباب ثورة الرابع عشر من تموز المباشرة منها وغير المباشرة تحديد النتائج والانعكاسات التي تركتها الثورة على بنية والمجتمع العربي بصورة عامة. وهذه النتائج والانعكاسات تتجسد في المكاسب والانتصارات العديدة التي حققتها الثورة على الصعيدين القطري والقومي. هذه المكاسب والانتصارات التي جلبت للوطن العربي التقدم والنهوض المادي والاجتماعي والحضاري الذي يعترف به الاعداء قبل الاصدقاء.
وأخيرا يجب أن نشير هنا إلى أننا لا نستطيع فهم علم الاجتماع السياسي دون دراسة وفهم علم الاجتماع والعلوم السياسية وعلم النفس وعلم الاخالق، حيث أن هذه العلوم الاربعة تزود العالم الاجتماعي السياسي بالمادة الاساسية التي يعتمد عليها موضوعه العلمي واختصاصه الاكاديمي. كما أنه يعتمد على هذه العلوم في الحصول على مصطلحاتها العلمية التي يستعملها في بناء فرضياته ونظرياته وأحكامه وقوانينه الكونية الشمولية إضافة إلى أن العالم الاجتماعي السياسي يستعمل نفس الطرق المنهجية والعلمية التي تستعملها هذه العلوم في جمع مادتها ومعلوماتها وتصنيف حقائقها وبديهياتها كطريقة المقارنة والطريقة التاريخية والطريقة البنائية الوظيفية وطريقة المسح الميداني.
تحميل دروس علم الاجتماع السياسي PDF
المحاضرة 1 في علم الاجتماع السياسي
المحاضرة 2 في علم الاجتماع السياسي
المحاضرة 3 في علم الاجتماع السياسي
المحاضرة 4 في علم الاجتماع السياسي
المحاضرة 5 في علم الاجتماع السياسي