ملخص شامل مادة قانون الأسرة S3

ملخص مادة قانون الأسرة S3 جامعة عبدالملك السعدي يعتبر عقد الزواج من العقود التي حظيت بعناية الشريعة الإسلامية واهتمامها، حيث الزواج هو اللبنة الأساسية في قيامالأسرة،


الفصل الأول: التعريف بعقد الزواج والخطبة


المبحث الأول: ماهية عقد الزواج


يعتبر عقد الزواج من العقود التي حظيت بعناية الشريعة الإسلامية واهتمامها، حيث الزواج هو اللبنة الأساسية في قيام الأسرة، وهو نظام شرعه الله عز وجل لعباده لبناء الأسرة وتنظيمها وإنشاء علاقات القرابة وفق أحكام دقيقة وثابتة، قائمة على أركان متينة الدعائم قوامها المودة والرحمة.

المطلب الأول: الزواج لغة واصطلاحا


الزواج لغة:


هو الارتباط والاقتران، ويعني الاقتران بين شيئين، وارتباطهما معاً بعد أن كانا منفصلين عن بعضهما، وقد شاع استخدامه للتعبير عن الارتباط بين الرجل والمرأة بهدف الاستقرار، وإنشاء المنزل، والأسرة.


الزواج اصطلاحاً:

هو اتفاق بين الرجل والمرأة على الارتباط بهدف إنشاء الأسرة، ويعود الزواج بفائدة حفظ النوع البشري عن طريق التكاثر، ويطلق على الطرفين المتفقين الزوج والزوجة.

المطلب الثاني: تعريف الزواج في مدونة الأسرة


عرفته مدونة الأسرة في المادة الرابعة على أنه:
” الزواج ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام، غايته الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة،
برعاية الزوجين طبقا لأحكام هذه المدونة”.
نستنتج من هذه المادة أن المشرع اعتبر عقد الزواج بمثابة:
– ميثاق: عقد الزواج أسمى وأجل من أن يكون مجرد عقد تمليك لعين أو لمنفعة، بل هو عهد وميثاق بين الزوجين.
– تراض وترابط شرعي: ميثاق الزواج هو الرابطة الشرعية بين الرجل والمرأة التي تحل بها المعاشرة بينهما تحت سقف
واحد، وهو ايضا عقد رضائي ينبني أساسا على تقابل إرادتي طرفيه وبمحض إرادتهما.


– بين رجل وامرأة:

استبعادا لكل حالات الارتباط التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية، والتي تنفر منها الطبيعة البشرية
كزواج المثليين.
– على وجه الدوام: منعا لكل تأقيت لعقد الزواج، أو انتشار لبعض الأنكحة التي أبطلها الإسلام كزواج المتعة أو الزواج
المؤقت.
– الإحصان والعفاف: الأصل أن الزواج يمنع الأفراد من الوقوع في الفحشاء والمحرمات ويصون عفتهما ويحفظ الأخلاق
ويحمي المجتمع.
– برعاية الزوجين: أصبحت الزوجة تشاطر الزوج وعلى قدم المساواة واجب التسيير والسهر على رعاية شؤون البيت
والأطفال، كما تقاسمه حق اتخاذ القرارات المتعلقة بهذا التسيير وبتنظيم الأسرة.

المبحث الثاني: الخطبة

الخطبة هي عبارة عن فترة زمنية قد تطول أو تقصر، قصد التعارف بين الخطيبين.

المطلب الأول: الطبيعة القانونية للخطبة


الفرع الأول: ماهية الخطبة


تعرف الخطبة (بكسر الخاء) في الشريعة الإسلامية بأنها طلب الرجل الزواج من المرأة، وشرع الله عز وجل الخطبة لمن أراد الزواج، وهي الخطوة الأولى له. وقد عرفت مدونة الأسرة الخطبة في المادة الخامسة منها بقولها: الخطبة تواعد رجل وامرأة على الزواج.


“تتحقق الخطبة بتعبير طرفيها بأي وسيلة متعارف عليها تفيد التواعد على الزواج، ويدخل في حكمها قراءة الفاتحة وما جرت به العادة والعرف من تبادل الهدايا”.
وتجد الخطبة سندها الشرعي في قوله: (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكتنثم في أنفسكم).


الفرع الثاني: التكييف القانوني للخطبة


هذا إذا ما تمت الخطبة بين رجل و امرأة فإنها لا تعدوا أن تكون تواعدا بينهما على عقد زواجهما في المستقبل دون أن يكون ذلك التواعد ملزما لأي منهما من الناحية القانونية، فالفترة الفاصلة بين التعبير عن هذا التواعد و الإشهاد على الزواج تعتبر
فترة خطبة و لا تلزم الطرفين و لو أنها تنبني على الإيجاب و القبول مثلها في ذلك مثل عقد الزواج ،إلا أنها تختلف ، الأخير في عنصر الإلزام .


فالخطبة بهذا المفهوم ليست إلا وسيلة تعارف بين الخاطبين، و تتم في غالب الأحيان شفويا، حيث تتحقق الخطبة بتعبير طرفيها بأي وسيلة متعارف عليها تفيد التواعد على الزواج، ويدخل في حكمها قراءة الفاتحة وما جرت به العادة والعرف من تبادل الهدايا.

المطلب الثاني: آثار العدول عن الخطبة


الخطبة مجرد وعد متبادل بين رجل و امرأة على الزواج في المستقبل، و بالتالي يمكن لأحد الطرفين أن يعدلا نهائيا عن مشروع الزواج بإرادة منفردة في أي وقت شاءا، ولو لم يستند هذا العدول إلى أسباب معقولة و في هذا الصدد نصت المادة السادسة “يعتبر الطرفان في فترة خطبة الى حين الإشهاد على عقد الزواج، ولكل من الطرفين حق العدول عنها.”


فإذا وقع النكول انقضت الخطبة و لا يجوز للطرف الذي لم يعدل أن يطلب من القضاء أن يحكم له بإلزام الطرف الآخر بالاستمرار في الخطبة أو إبرام عقد الزواج، غير أنه في بعض الأحيان يمكن أن ينتج عن العدول عدة مشاكل بين الخاطب و المخطوبة و خاصة إذا تبادلا الهدايا أو دفع الخاطب الصداق، فضلا عن الأضرار المعنوية وكذلك المادية التي يمكن أن تنجم عن العدول، فضلاً عما ذكر قد ينتج عن الخطبة كذلك اتصال جنسي قبل إبرام عقد الزواج الشرعي في شكله القانوني،
مما ينتج عنه في غالب الأحيان ظهور حمل المخطوبة خارج مؤسسة الزواج.

الفرع الأول: الآثار المالية للعدول عن الخطبة


الفقرة الأولى: آثار العدول عن الخطبة على الهدايا والصداق

أولا: الحق في استرجاع الهدايا


تقضي المادة الثامنة منها بأن ” لكل من الخاطب و المخطوبة أن يسترد ما قدمه من هدايا، ما لم يكن العدول عن الخطبة من قبله، ترد الهدايا بعينها، أو بقيمتها حسب الأحوال.”


يتضح ان المشرع المغربي جاء بحكم عان وقد أخذ برأي المذهب المالكي حيث جعل حكم الهدايا مرهونا بالجهة التي صدر منها العدول، إذ لا يجوز لمن صدر عنه العدول من استرداد ما دفعه من هدايا، وبمفهوم المخالفة أعطى لكل من الخطيبين إمكانية استرداد متى صدر العدول عن الطرف الآخر.
إلا أن استرجاع الهدايا يتطلب بداية اثبات تقديمها، لأن عدم الإثبات يترتب عليه سقوط الحق في استرداد الهدايا.


ثانياً: حق في استرجاع الصداق المعجل

قد يحدث أن يعجل الخطيب الصداق كله أو جزءاً منه حسب الأحوال ويعطيه لخطيبته أو لوليها أثناء الخطبة، ففي حالة العدول عنها من قبل المخطوبة، فقد أجمع الفقهاء على أنه يجوز للخاطب استرجاع المهر لأن المخطوبة لا تستحق شيئا منه إلا بتمام العقد.


وقد نصت المادة التاسعة من م.أ:


” إذا قدم الخاطب الصداق أو جزءا منه، وحدث عدول عن الخطبة أو مات أحد الطرفين أثناءها، فللخاطب أو لورثته استرداد ما سلم بعينه إن كان قائما، وإلا فمثله أو قيمته يوم تسلمه.
إذا لم ترغب المخطوبة في أداء المبلغ الذي حول إلى جهاز، تحمل المتسبب في العدول ما قد ينتج عن ذلك من خسارة بين قيمة الجهاز والمبلغ المؤدى فيه.”


يتضح بأن المخطوبة ملزمة برد الصداق إما بعينه إن كان قائما، أو بمثله إن كان من المثليات، أو بقيمته لكون عقد الزواج لم ينعقد بعد، كما أنه إذا توفى الخاطب قبل الإشهاد على الزواج فلورثته حق استرداد الصداق من المخطوبة، والأمر سيان إذا توفيت المخطوبة.


في حالة تصرفت المخطوبة في الصداق وقامت بشراء جهاز البيت، ورفضت في حالة العدول أداء مبلغ الذي انفقته في الجهاز، في هذه الحالة فإن الخسارة الناجمة عن قيمة الجهاز والمبلغ المؤدى فيه تقع على ذمة من تسبب في العدول عن
الخطبة.


الفقرة الثانية:

إمكانية التعويض عن ضرر العدول عن الخطبة نصت المادة السابعة من م.أ على أن “مجرد العدول عن الخطبة لا يترتب عنه تعويض.
غير أنه إذا صدر عن أحد الطرفين فعل سبب ضررا للآخر، يمكن للمتضرر المطالبة بالتعويض.”
حاول المشرع أن يجمع بين أحقية العدول عن الخطبة من أحد الطرفين والمطالبة بالتعويض في حالة صدور فعل سبب ضرر للطرف الآخر طبقاً للقواعد العامة للمسؤولية المدنية، كأن تنقطع الخطيبة عن الدراسة أو تستقيل من وظيفتها بناء على رغبة الخاطب، ثم يعدل هذا الأخير عن اتمام الزواج، أو يكون الخاطب قد هيأ لحفلة الزفاف فتعلن الخطيبة عن إنهاء
الخطبة.


الفرع الثاني: آثار الحمل الناتج عن الخطبة

اذا كانت الشريعة الإسلامية قد أباحت النظر إلى المخطوبة والتعرف

عليها، فإنها قد حرمت الاختلاء بها بغير حضور محرم لها خشية وقوع المعصية، إلا أنه كثيرا ما يقع اتصال جنسي بين الخطيبين قبل إبرام عقد الزواج وفق شكله القانوني، مما قد ينتج عنه في أحيان كثيرة ظهور حمل بالمخطوبة أو ازدياد طفل خارج نظام الزواج.


الفقرة الأولى: الموقف القانوني من الحمل الناتج عن الخطبة

تنص المادة 156 من م.أ على ما يلي: “إذا تمت الخطوبة، وحصل الإيجاب والقبول وحالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد
الزواج وظهر حمل بالمخطوبة، ينسب للخاطب للشبهة إذا توافرت
الشروط التالية:
أ – إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما، ووافق ولي الزوجة عليها عند الاقتضاء؛
ب – إذا تبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة؛
ج – إذا أقر الخطيبان أن الحمل منهما.
تتم معاينة هذه الشروط بمقرر قضائي غير قابل للطعن.
إذا أنكر الخاطب أن يكون ذلك الحمل منه، أمكن اللجوء إلى جميع الوسائل الشرعية في إثبات النسب.”
تعتبر هذه المادة من أبرز المستجدات التشريعية التي جاءت بها المدونة، بحيث أنهت الجدل الحاصل بين الفقه ومحاكم
الموضوع فيما يخص النسب الناتج عن الخطبة، وكرست حق الطفل المزداد من خلال فترة الخطبة بالنسبة لأبيه الخاطب اذا
توافرت شروط معينة.
جاءت المادة 156 من م.أ بحلول انسانية لمشاكل اجتماعية لا حد لها، سيما وأنها تهدف إلى المحافظة على المبدأ أساسي وسامي نصت عليه مختلف الشرائع السماوية والوضعية وكرسته الاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل وهو مبدأ المصلحة الفضلى للطفل، المتمثل في ضمان حقه في الانتساب إلى والديه.

الفقرة الثانية: موقف القضاء من البنوة الناتجة عن الخطبة

فرضت مقتضيات المادة 156 من م.أ على القضاء المغربي تقرير حق الطفل المزداد من خلال مرحلة الخطبة في النسب
إلى أبيه الخاطب، من خلال الإطلاع على مجموعة من الأحكام والقرارات القضائية يبدو جليا أن العمل القضائي المغربي
يعرف تفاوتاً كبيراً أثناء تطبيقه لمقتضيات المادة 156 من م.أ، حيث تحكمه نزعتان، نزعة التشبث بالتطبيق الحرفي
لمقتضياتها، ونزعة المحافظة على المصلحة الفضلى للطفل وحفظ نسبه إعمالاً لمبدأ المشرع متشوف للحوق النسب.


المطلب الثاني: شروط الإيجاب والقبول

يشترط في الإيجاب والقبول حسب المادة 11 من م.أ ما يلي:
“يشترط في الإيجاب والقبول أن يكونا:
شفويين عند الاستطاعة، وإلا فبالكتابة أو الإشارة المفهومة.
– متطابقين وفي مجلس واحد.
– باتين غير مقيدين بأجل أو شرط واقف أو فاسخ”.
المطلب الثالث: الإيجاب والقبول المشوبين بعيب من عيوب الإرادة
جاء في المادة 12 من م.أ ما يلي: “تطبق على عقد الزواج المشوب بإكراه أو تدليس الأحكام المنصوص عليها في المادتين
63 و66 بعده”.
– الإكراه: هو إجبار يباشر من غير أن يسمح به القانون يحمل بواسطته شخصاً آخر على أن يعمل عملاً بدون رضاه.
– التدليس: هو مجموعة من الوسائل الاحتيالية التي يمارسها أحد المتعاقدين قصد تمويه الحقيقة وتضليل الطرف الآخر،
الشيء الذي يحمله على التعاقد.
فالأصل في عقد الزواج أن ينشأ عن إرادتين سليمتين، فإذا اختلت إحداهما بالتدليس أو الإكراه يكون للطرف المتضرر حق
المطالبة بفسخ العقد داخل أجل شهرين من يوم زوال الإكراه ومن تاريخ العلم بالتدليس، مع إمكانية المطالبة بالتعويض.

الفصل الثاني: أركان وشروط عقد الزواج

المبحث الأول: أركان عقد الزواج

التراضي هو جوهر العقد وقوامه، ويتحقق التراضي في عقد الزواج باقتران إرادتي الزوج والزوجة، وذلك بصدور إيجاب
وقبول مطابق له.
 

المطلب الأول: ماهية الإيجاب والقبول

إن الأصل في التعبير عن الإيجاب والقبول أن يكونا بألفاظ واضحة تفيد القصد منهما، دون لبس أو غموض، وعند العجز
عن النطق تقوم الكتابة مقام اللفظ، وإلا فبالإشارة المفهومة من الطرف الآخر ومن العدلين الشاهدين.

المطلب الثاني: شروط الإيجاب والقبول

يشترط في الإيجاب والقبول أن يكونا:
1- شفويتين عند الاستطاعة لأن الأساس في صيغة الزواج أن تكون باللفظ متى كان المتعاقد قادرا على ذلك، وإلا فبالكتابة
أو الإشارة المفهومة في حالة العجز عنه.
2- متطابقتين وفي مجلس واحد، ويتحقق التطابق بين الإيجاب والقبول في عقد الزواج متى أعلن القابل موافقته على
الإيجاب كما عرضه الموجب دون رفض أو إضافة، أما وحدة المجلس فيقصد به اتصال الإيجاب بالقبول في المكان
والزمان.
3- يتعين أن يكون الإيجاب والقبول باتين، أي نهائيين غير مقرونين بأجل أو شرط واقف أو فاسخ.

المطلب الثالث: الإيجاب والقبول

المشوبين بعيب من عيوب الإراد
إن الأصل في عقد الزواج أن ينشأ عن إرادتين سليمتين، فإذا اختلت إحداهما بالتدليس أو الإكراه يكون للطرف المتضرر
حق المطالبة بفسخ العقد داخل أجل شهرين من يوم زوال الإكراه ومن تاريخ العلم بالتدليس، مع إمكانية المطالبة بالتعويض.

المبحث الثاني: شروط عقد الزواج

يجب أن تتوافر في عقد الزواج الشروط الآتية:
– أهلية الزوج والزوجة؛
– عدم الاتفاق على إسقاط الصداق؛
– ولي الزواج عند الاقتضاء؛
– سماع العدلين التصريح بالإيجاب والقبول من الزوجين وتوثيقه؛
انتفاء الموانع الشرعية.


المطلب الأول: أهلية الزواج

رقي المجتمع
حدد المشرع أهلية الزواج بسن الأهلية المدنية بهدف بناء مؤسسة الزواج على أسس متينة تضمن استمرارها ومساهمتها في
الفرع الأول: أهلية إبرام عقد الزواج
اعتبرت مدونة الأسرة الزواج عقدا رضائيا ينبني على إرادة حرة بين طرفيه، نابعة من عقل يميز بين ما ينفعه وما يضره،
وجعلت من شروط صحة عقد الزواج أهلية الزوجين كما هو منصوص عليه في المادة 13 منها، كما قضت المادة 19 على
أنه “تكتمل أهلية الزواج بإتمام الفتى والفتاة المتمتعين بقواهما العقلية ثمان عشرة سنة شمسية.”


الفرع الثاني: الزواج دون سن الأهلية

جاء في المادة 20 من م.أ ما يلي: “لقاضي الأسرة المكلف بالزواج، أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية
المنصوص عليه في المادة 19 أعلاه، بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، بعد الاستماع لأبوي القاصر
أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي.
مقرر الاستجابة لطلب الإذن بزواج القاصر غير قابل لأي طعن.”

يتضح أن المشرع أجاز استثناء النزول عن سن أهلية الزواج والسماح لمن هم دونه الزواج، حيث تخول سلطة تقديرية في
الإذن بزواج القاصر بواسطة مقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب الداعية إليه متى توفرت الشروط التالية:


– إذن قاضي الأسرة بزواج القاصر:

عبر تقديم طلب الإذن بزواج القاصر يكون كتابياً موقعاً عليه من طرف القاصر ووليه القانوني، ويجب الإشارة فيه إلى
هوية القاصر ونائبه الشرعي والأسباب والمبررات الداعية لطلب الزواج، مرفقة بنسخة من الولادة وشهادة طبية تؤكد توفر
طالب الزواج على علامات البلوغ البيولوجية.

– الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي:

يستمع القاضي عند بته في ملف زواج القاصر لأبويه أو نائبه الشرعي، من أجل تكوين فكرة ولو مبدئية عن الوسط الإجتماعي لطالب الزواج، والأهداف المرجو تحقيقها من هذا الزواج، ويستمع للقاصر للتعرف عن مدى رغبته في الزواج.

– الأمر بإجراء خبرة طبية أو بحث اجتماعي:

الاستعانة بخبرة طبية أو اللجوء إلى إجراء بحث اجتماعي، في حالة شك القاضي في واقعة البلوغ يلجأ إلى خبرة الطبية،
كما يمكن لقاضي الأسرة إجراء بحث اجتماعي للتعرف عن الحالة الإجتماعية والثقافية والسلوكية لطالب الزواج.

الفرع الثالث: زواج المصاب بإعاقة ذهنية سمح

المشرع بصفة استثنائية بزواج الشخص المصاب بإعاقة ذهنية، وأخضع ذلك لإذن قاضي الأسرة المكلف بالزواج
تفعيلا للمادة 23 من م.أ التي تنص على ما يلي: “يأذن قاضي الأسرة المكلف بالزواج بزواج الشخص المصاب بإعاقة
ذهنية ذكراً كان أم أنثى، بعد تقديم تقرير حول حالة الإعاقة من طرف طبيب خبير أو أكثر.يطلع القاضي الطرف الآخر على التقرير وينص على ذلك في محضر، يجب أن يكون الطرف الآخر راشدا ويرضى
صراحة في تعهد رسمي بعقد الزواج مع المصاب بالإعاقة.”

المطلب الثاني: الصداق
الفرع الأول: ماهية الصداق

الفقرة الأولى: مفهوم الصداق

الصداق مأخوذ من الصدق بفتح الصاد، اسم الشديد الصلب، وقيل بكسرها مأخوذة من الصدق لإشعاره بصدق رغبة الزوج
في زوجه، ومنه قوله تعالى (وآتو النساء صدقاتهن نحلة).
أما اصطلاحاً: فهو المال الواجب على الرجل للمرأة بعقد النكاح أو الوطء.
وقد عرفته مدونة الأسرة في المادة 26 من م.أ: “الصداق هو ما يقدمه الزوج لزوجته إشعارا بالرغبة في عقد الزواج
وإنشاء أسرة مستقرة، وتثبيت أسس المودة والعشرة بين الزوجين، وأساسه الشرعي هو قيمته المعنوية والرمزية، وليس
قيمته المادية.”


الفقرة الثانية: مقدار الصداق

ليس للصداق حد أقصى باتفاق الفقهاء لقوله تعالى: (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج واتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا
منه شيئاً).
وقد نصت المادة 28 من م.أ على أن “كل ما صح التزامه شرعا، صلح أن يكون صداقا، والمطلوب شرعا تخفيف
الصداق.”
وعليه فكل ما رضيت به الزوجة صح أن يكون صداقاً شريطة قابليته للتعامل، لأن الصداق في حقيقة الأمر لا يجب أن
ينظر إلى قيمته بقدر ما يجب النظر إليه كرمز للتقدير والمودة وشعار لبناء الأسرة، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم:
“خير الصداق أيسره.”


الفرع الثاني: أنواع الصداق وأحواله
الفقرة الأولى: أنواع الصداق

1- الصداق المسمى:

هو الذي اتفقت الأطراف المتعاقدة على مقداره ونوعه عند العقد، أو تم تحديده بالتراضي بعد ابرا

م

العقد.


2- صداق المثل:

وهو الصداق الذي تستحقه المرأة، وهو عبارة عما يدفع لمثيلاتها وقت العقد، حيث يراعي فيه مركز المرأة الإجتماعي، ومختلف صفاتها كالسن والجمال والمال والعقل والدين والتعليم والبكارة والثيوبة والبلد إلخ…، مع الأخذ بعين الإعتبار بحال الزوج، يعمل بصداق المثل في حالتين حسب م.أ:

أ- زواج التفويض :

نص المشرع في المادة 27 من م.أ على ما يلي: “يحدد الصداق وقت إبرام العقد، وفي حالة السكوت عن تحديده، يعتبر
العقد زواج تفويض، إذا لم يتراض الزوجان بعد البناء على قدر الصداق في زواج التفويض، فإن المحكمة تحدده مراعية
الوسط الاجتماعي للزوجين.”
يعتبر الصداق من شروط عقد الزواج، إلا أنه قد يتم السكوت عن ذكره في العقد، في هذه الحالة يسمى العقد زواج
التفويض، وهو عقد صحيح ولو لم يتم ذكر الصداق أو تحديده.

ب- الزواج الفاسد لصداقه:

قد يسمى للزوجة صداق مما لا يصح الالتزام به شرعا، أي مما لا يدخل في دائرة التعامل،
حيث يفسد العقد لصداقه، وهو يفسخ قبل البناء ويصحح بعد البناء بصداق المثل تطبيقاً للمادة 60 من م.أ.
– الصداق المعجل أو المؤجل: ويسمى ايضا مقدم الصداق أو مؤخر الصداق، حيث نصت المادة 30 من م.أ على ما يلي:
“يجوز الاتفاق على تعجيل الصداق أو تأجيله إلى أجل مسمى كلا أو بعضا.”

يقصد بالصداق المعجل:
ذلك الذي يتفق طرفاه عند العقد أو عند الدخول ويسمى مقدم الصداق.
والصداق المؤجل فهو الذي اتفق الطرفان على أدائه بعد الدخول، ويسمى بمؤخر الصداق أو الكالئ.
وتفعيلا للمادة 31 من م.أ فإنه اذا اتفق الزوجان على تعجيل الصداق كله أو جزءا منه، فالزوج مطالب بأدائه عند حلول
الأجل المتفق عليه، كما يحق للزوجة المطالبة بأداء الصداق الحال قبل بداية المعاشرة الزوجية، إلا أنه متى ما تمت
المعاشرة الزوجية أصبح الصداق دينا في ذمة الزوج يؤديه إليه فيما بعد.

الفقرة الثانية: أحوال الصداق

نصت المادة 32 من م.أ على أنه:
“تستحق الزوجة الصداق كله بالبناء أو الموت قبله.
تستحق الزوجة نصف الصداق المسمى إذا وقع الطلاق قبل البناء.
لا تستحق الزوجة الصداق قبل البناء:
– إذا وقع فسخ عقد الزواج؛
– إذا وقع رد عقد الزواج بسبب عيب في الزوجة، أو كان الرد من الزوجة بسبب عيب في الزوج؛
– إذا حدث الطلاق في زواج التفويض.”
فالزوجة تارة تستحق الصداق كله، وتارة تستحق نصفه، وتارة أخرى لا تستحق شيئا، وفيما يلي التفاصيل بالدقة:


أولاً: استحقاق الزوجة الصداق كاملا

تستحق الزوجة الصداق كله في حالتين:
– الدخول الحقيقي: أي اتصال الزوج بزوجته اتصالا جنسيا، وهو وطء الزوج البالغ زوجته بعد العقد سواءا كان في نكاح
صحيح أو فاسد لقوله تعالى: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فأتوهن أجورهن فريضة).
مما يفهم معه أن تعجيل الصداق قبل البناء حق للزوجة، تتصرف فيه بكامل إرادتها، وبالتالي يمكنها إسقاط هذا الحق
بالتنازل عنه عملا بمقتضيات المادة 29 من م.أ التي تنص على أنه: “الصداق ملك للمرأة تتصرف فيه كيف شاءت، ولا
حق للزوج في أن يطالبها بأثاث أو غيره، مقابل الصداق الذي أصدقها إياه.”
بمجرد الوطء تستحق الزوجة الصداق كاملا إن سمي لها صداق، أو صداق المثل في نكاح التفويض.

– وفاة أحد الزوجين:
بوفاة الزوج أو الزوجة تستحق هذه الأخيرة كامل الصداق، لأنه غير قابل للسقوط ويتأكد بعد العقد
مباشرة، فإذا مات الزوج أخذت الزوجة من التركة ما تبقى من كامل الصداق، أو الصداق بكامله متى كان دينا في ذمة
الزوج الهالك، وقد سايرت م.أ المذهب الحنفي ونصت في المادة 32 منها على استحقاق الزوجة للصداق كله بالبناء أو الموت قبله من غير ان تستثني زواج التفويض.


ثانياً: استحقاق الزوجة لنصف الصداق

تستحق الزوجة نصف الصداق إذا وقع العقد على صداق مسمي، ثم اطلق الزوج زوجته باختياره قبل البناء بها، استناداً
لقوله تعالى: (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم).
وعليه فإن استحقاق الزوجة لنصف الصداق متوقف على تحقيق الشروط التالية:
– أن يكون الطلاق قبل الدخول
– أن يكون الصداق مسمى
– أن يكون عقد الزواج صحيحا
– أن يكون الطلاق باختيار من الزوج
ثالثاً: عدم استحقاق الزوجة للصداق
لا تستحق الزوجة شيئا من الصداق في الحالات التالية:
– إذا وقع فسخ عقد الزواج قبل الدخول
– إذا طلقها قبل الدخول بغير اختياره، كما إذا تبين أن بالزوجة عيبا يعطيه الحق في ردها، أو اطلعت الزوجة على عيب فيه
يعطيها الحق ان ترده.
إن طلقها قبل الدخول وقبل أن يسمي لها صداقا في نكاح التفويض، لقوله تعالى: (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم
تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقير قدرة متاعا بالمعروف حقا على المحسنين).

الفرع الثالث: الاختلاف في قبض الصداق

نصت المادة 33 من م.أ على أنه “إذا اختلف في قبض حال الصداق قبل البناء، فالقول قول الزوجة، أما بعده فالقول قول
الزوج.
إذا اختلف الزوجان في قبض الصداق المؤجل، فعلى الزوج إثبات أدائه. لا يخضع الصداق لأي تقادم.”
ينبغي التمييز هنا بين حكم الإختلاف في قبض الصداق الحال، والصداق المؤجل، فإذا ما اختلف الزوجان قبل الدخول حول
قبض حال الصداق، بحيث ادعي الزوج أنه دفعه لها وأنكرت الزوجة أن تكون قد توصلت به، فيكون القول للزوجة مع
يمينها، أما بعد البناء، فالقول للزوج فيما يدعيه، أما الاختلاف في قبض الصداق المؤجل فيقع عبئ اثبات ادائه على الزوج.


المطلب الثالث: موافقة الولي على زواج القاصر (الولاية والوكالة في عقد الزواج)


الفقرة الأولى: الولاية في عقد الزواج

أولا: تعريف الولاية

الولاية في اللغة النصرة والإعانة أو قيام الشخص بأمر غيره وتولي شؤونه عنه، لقوله تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله
والذين آمنوا).
أما في الإصطلاح الفقهي فهي عبارة عن سلطة تجعل لمن تثبت له القدرة على إنشاء التصرفات والعقود وتنفيذها، وهي
أيضاً حق تنفيذ القول على الغير شاء أم أبي.
والولاية نوعان:
– ولاية قاصرة: متى كانت متعلقة بشؤون الشخص نفسه، كتزويج نفسه أو التصرف في ماله.
– ولاية متعدية: وهي السلطة التي قررها الشرع للشخص غيره، كمن بزوج ابنته أو حفيدته، أو يتصرف في أموال أبنائه
القاصرين وتنقسم الولاية المتعدية إلى قسمين:
– ولاية على المال: وهي السلطة المقررة للشخص، يكون صاحبها بمقتضاها القدرة على إنشاء العقود الخاصة بالأموال
وتنفيذها.
– ولاية على النفس: وهي التي تجعل لصاحبها القدرة على التصرف في الأمور المتعلقة لشخص المولى عليه، كالتربية
والتعليم والتزويج، وهذه الولاية هي المقصود لأنها تتصل بإبرام عقد الزواج، وتنقسم إلى قسمين: ولاية ندب واختيار،
وولاية إجبار واستبداد.


ثانياً: الموقف الإسلامي من الولاية على المرأة

حسب المذهب المالكي والشافعي وابن حنبل، لا يجوز للمرأة أن تباشر عقد الزواج لا لنفسها ولا لغيرها، واعتبروا العقد الذي تبرمه فاسداً بدليل قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: “لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها”.
أما المذهب الحنفي فيجيز للمرأة المباشرة بعقد الزواج لنفسها ولغيرها بكراً كانت أم ثيباً، إستناداً لقوله تعالى: (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: “الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها.”


الفقرة الثانية: الولاية في مدونة الأسرة

نصت المادة 24 من م.أ على أنه: “الولاية حق للمرأة، تمارسه الراشدة حسب اختيارها ومصلحتها”, وقد أضافت المادة 25
أنه: “للراشدة أن تعقد زواجها بنفسها، أو تفوض ذلك لأبيها أو لأحد أقاربها.”
يبدوا ان مدونة الأسرة تركت الإختيار للمرأة الراشدة لممارسة الولاية، حيث أصبحت هذه الأخيرة حقاً لها بقوة القانون بمجرد بلوغها سن الرشد.


الفقرة الثالثة: الوكالة في الزواج

جاء تشريع الوكالة في الزواج كاستثناء من الأصل الذي يقتضي الحضور الشخصي للزوجين، حيث يمكن التوكيل عليه
بإذن من قاضي الأسرة المكلف بالزواج متى توفرت الشروط التالية:
– وجود ظروف خاصة لا يتأتى معها للموكل أن يقوم بإبرام عقد الزواج بنفسه، ويمكن القول أن الظروف الخاصة هي :
کل عائق منع الزوج أو الزوجة من حضور
مجلس العقد والتوقيع في رسم الصداق كالمرض والسجن والسفر.
– وجوب تحرير وكالة عقد الزواج في وثيقة رسمية أو عرفية مصادق على توقيع الموكل فيها.
– يجب أن يكون الوكيل راشدا بالغا سن الرشد القانوني ومتمتعا بكامل أهليته المدنية. *يجب أن يعين الموكل في الوكالة اسم
الزوج الآخر ومواصفاته والمعلومات المتعلقة بهويته.
– يجب أن تتضمن الوكالة مبلغ الصداق، والشروط المراد إدراجها في صلب عقد الزواج قبل أن يؤشر عليها قاضي الأسرة،
هذا الأخير الذي يتحتم عليه التأكد من تحقق الشروط السالفة الذكر.

المطلب الرابع: سماع العدلين الإيجاب والقبول

الفقرة الأولى: موقف الفقه الإسلامي

من الإشهاد على عقد الزواج اتفق جمهور الفقهاء الإشهاد على عقد الزواج واختلفوا حول الوقت الذي يتوافر فيه هذا الشرط، حيث ذهب الرأي الراجح لدى المالكية إلى أن الإشهاد شرط عند الدخول، أما صحة العقد فلا يشترط فيها الشهود، إلا أنه متى تم الدخول بدون إشهاد فيتعين فسخ الزواج بطلاق بائن، أما جمهور الفقهاء ومنهم الشافعية والحنفية والحنابلة فيرون أن الإشهاد على الزواج يجب أن يتوافر أثناء إبرام العقد باعتباره شرط صحة في هذا الأخير. وتحقيقا للمقاصد التي من أجلها شرع للإشهاد على الزواج

يتعين توفر شروط معينة في شاهدي عقد الزواج: منها ما هو متفق عليها ومنها ما هو مختلف فيها :

– المتفق عليها : وهي العقل والبلوغ الإسلام والحرية.
– المختلف فيها وهي :الذكورة،
وهي شرط عند جمهور الفقهاء غير الحنفية فهم يرون جواز شهادة رجل وامرأتين في عقد الزواج .
– العدالة، ويقصد بها الاستقامة واتباع تعاليم الدين وهي شرط عند الجمهور من الشافعية والمالكية والحنابلة أما المذهب الحنفي فلا يشترط العدالة لصحة عقد الزواج إذ كل ما يصلح أن يكون قابلا للعقد بنفسه ينعقد النكاح بشهادته وكل من يصلح أن يكون وليا في النكاح يصلح أن يكون شاهدا فيه.

الفقرة الثانية: موقف مدونة الأسرة من الإشهاد على الزواج

اتبع المشرع المغربي موقف جهور الفقهاء بخصوص الإشهاد على عقد

الزواج، حيث نصت المادة 13 من م.أ على أنه من الشروط الواجب توفرها في عقد الزواج سماع العدلين التصريح بالإيجاب والقبول من الزوجين وتوثيقه، وعليه فالإشهاد على الزواج من الشروط الشكلية لصحة الزواج ابتداءا وليس انتهاء، سيما وأنه يتم أمام عدلين منتصبين للإشهاد أثناء إبرام عقد الزواج. ويقصد بالعدلين أشخاص تعينهم وزارة العدل للقيام بمهام الإشهاد والتوثيق.


الفصل الخامس: آثار عقد الزواج
المبحث الأول: آثار الزواج الصحيح

الزواج الصحيح هو الذي استجمع أركانه وشروط صحته، وانتفت فيه الموانع بحيث ينتج جميع آثاره من الحقوق والواجبات
التي رتبتها الشريعة بين الزوجين والابناء والاقارب، إن مدونة الاسرة جعلت الحقوق والواجبات متبادلة بين الزوجين، كما
أنها اهتمت بحقوق الأطفال اتجاه أبويهم إلى جانب الحقوق الخاصة بالاقارب.


المطلب الأول: الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين

إن الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين وفق المادة 51 من م.أ هي:
1- الساكنة الشرعية: وهي استقرار الزوجين معا في بيت الزوجية، واستمتاع أحدهما بالآخر من خلال الاتصال الجنسي،
وتقتضي المساكنة الشرعية الاحصان والاخلاص ولزوم العفة.
2- حسن المعاشرة وتبادل الاحترام: توجب المعاملة بالمعروف على كل من الزوجين أن يحسن معاشرة الآخر وأن يعمل
على إرضائه والاستجابة لمطالبه المشروعة وأن يحترمه الاحترام الكامل، كما يجب أن يمتد حسن المعاشرة ليشمل والدي
الزوجين ومحارمهم، بحيث يجب على كل من الزوجين معاملة والدي الزوج الآخر معاملة حسنة وإكرامهم وزيارتهم.
3- المسؤولية المشتركة في تدبير شؤون الأسرة: وذلك بتضافر مجهوداتهما المادية والمعنوية لتسيير شؤون الأسرة.
4- حق التوارث: إذا توفي أحد الزوجين ، والزوجية قائمة حقيقة أو حكما، يرث الحي منهما الميت ما لم يكن هناك مانع
شرعي من موانع الإرث، وترتيبا على ذلك فلكل إخلال بهذه الواجبات يعطي الحق للطرف الآخر للمطالبة بتنفيذ ما هو
ملزم به أو اللجوء إلى مسطرة الشقاق.
 

المطلب الثاني: حقوق الأطفال والأقارب:


اولاً- حقوق الأطفال:

جاءت مدونة الأسرة بمجوعة من المقتضيات ذات أبعاد اجتماعية وإنسانية لصالح الأطفال، حيث نصت على مجموعة من الحقوق التي تشكل دعامة أساسية ولبنة متينة لإرساء علاقة جديدة بين الأبوين والأبناء سواء أثناء قيام الحياة الزوجية أو بعد انفصامها لأي سبب كان، وتتجلى تلك الحقوق فيما يلي:
– حماية حياتهم وصحتهم منذ الحمل إلى حين بلوغ سن الرشد.
– العمل على تثبيت هويتهم والحفاظ عليها خاصة بالنسبة للإسم والجنسية والتسجيل في الحالة المدنية.
– النسب والحضانة والنفقة.
– إرضاع الأم لأولادها عند الإستطاعة.
– اتخاذ التدابير الممكنة للنمو الطبيعي للأطفال بالحفاظ على سلامتهم الجسدية والنفسية.
التوجيه الديني والتربية على السلوك القويم، واجتناب العنف المفضي إلى الإضرار الجسدي والمعنوي والحرص على
الوقاية من كل استغلال.


التعليم والتكوين الذي يؤهلهم للحياة العملية النافعة في المجتمع.

– أما الطفل المعاق فيجب أن يتمتع إضافة إلى الحقوق المذكورة، بالحق في الراية الخاصة بحالته، وعندما يفترق الزوجان تتوزع هذه الو اجب بينهما بحسب هو مبين في أحكام الحضانة، وكذلك عند وفاة أحد الزوجين أو كليهما، حيث تنتقل هذه الواجبات إلى الحاضن والنائب الشرعي بحسب مسؤولية كل واحد منهما، وقد اسند المشرع للنيابة العامة مهمة السهر على مراقبة تنفيذ الأحكام ومراقبة قيام الأبوية بواجباتهم تجاه الأطفال.

ثانياً- حقوق الأقارب:

أما بالنسبة للآثار التي يرتبها عقد الزواج الصحيح على الأقارب فقد أورد المشرع أمثلة لها، كموانع الزواج الناتج عن المصاهرة والرضاع، والجمع بين المرأة وأختها مثال، وهي الأحكام المتعلقة بموانع الزواج المؤبدة والمؤقتة.

المبحث الثاني: آثار الزواج غير الصحيح

الزواج غير الصحيح في المواد من 56 إلى 64 م م.أ فيقصد به إما باطلا أو فاسدا.


المطلب الأول: الزواج الباطل
الفقرة الأولى: حالات بطلان عقد الزواج

حسب المادة 57 م ن م.أ يكون الزواج باطلا في الحالات التالية:
– إذا اختل فيه أحد الأركان.
– إذا وجد بين الزوجين أحد موانع الزواج.
– إذا انعدم التطابق بين الايجاب والقبول.
 

الفقرة الثانية: آثار الزواج الباطل

العقد الباطل منعدم شرعا، كما أنه غير موجود من الناحية القانونية، لذلك فالبطلان يعلق بالنظام العام، والمحكمة تثيره من تلقاء نفسها، حيث تصرح المحكمة ببطلانه طبقا للمادة 58 من م.أ بمجرد الاطلاع عليه أو بطلب ممن يعنيه الأمر كالزوج والزوجة، وبمجرد التصريح ببطلان العقد يترتب عليه آثاره والتي يتعين التمييز فيها بين حالتين:

– بطلان العقد قبل البناء: عند التصريح بطلان عقد الزواج من طرف المحكمة قبل البناء فإن المرأة لا تستحق الصداق ولا
تقضي فترة الاستبراء.
– بطلان العقد بعد البناء: يترتب على هذا الزواج بعد البناء حسب ما جاء في الفقرة الثانية من المادة 58 من م.أ:
• استحقاق الصداق: ذلك أن المرأة تستحق صداقها المسمى كاملا وإلا صداق المثل.
• قضاء فترة الاستبراء: ويقصد بالاستبراء تربص الزوجة بعد فسخ الزواج الباطل مباشرة نفسها مدة معينة، بحيث لا ترتبط
خلالها بزوج آخر، حتى يتم التيقن من براءة رحمها وتفاديا الاختلاط الأنساب.
• لحوق النسب بالأب إذا كان حسن النية: أي جاهلا سبب بطلان عقد الزواج، أما إذا كان سيء النية أي عالما بالتحريم فلا
يلحق به النسب.
• حرمة المصاهرة مع توفر حسن النية.


المطلب الثاني: الزواج الفاسد

الفقرة الأولى: حالات الزواج الفاسد:

يكون الزواج فاسدا إذا اختل فيه شرط من شروط صحته، ومنه ما يفسخ قبل البناء
ويصحح بعده، ومنه ما يفسخ قبل البناء وبعده. وتنحصر حالات فساد عقد الزواج حسب المادتين 60 و61 من م.أ فيما يلي:


أولا- الزواج الفاسد لصداقة

وهو كل زواج فقد أحد الشروط الشرعية للصداق، أن يسمى للزوجة صداق مما لا يصح الالتزام به شرعا كالخمر والخنزير.


ثانيا- الزواج الفاسد لعقده:

حسب المادة 61 من م.أ يفسخ الزواج لعقده قبل البناء وبعده وذلك في الحالات التالية:
– إذا كان الزواج في المرض المخوف لأحد الزوجين، ويقصد به الخوف من الموت لأن المريض يقصد من ذلك مزاحمة
الورثة بزواجه.
– إذا قصد الزوج بالزواج تحليل المبتوتة لمن طلقها ثالثا، كمن يتزوج امرأة سبق أن طلقها زوجها ثالثا بقصد تحليلها للزوج
الأول.
– إذا كان الزواج بدون ولي في حالة وجوبه، ذلك أن إلزامية الولي تتعلق بحالة زواج القاصر، بناءا على مقرر قضائي
معلل يبين الأسباب والمصلحة المبررة لزواجه، ويمكن فسخ عقد الزواج في حالة الإكراه أو التدليس متى كان هذا الأخير
هو الدافع لقبول الزواج، وذلك خلال أجل لا يتعدى شهرين من يوم زوال الإكراه ومن تاريخ العلم بالتدليس.


الفقرة الثانية: آثار الزواج الفاسد

طبقا لما ورد في المادة 64 من م.أ فإن الزواج الذي يفسخ لا ينتج أي أثر قبل البناء، وتترتب عنه بعد البناء آثار العقد
الصحيح إلى أن يصدر الحكم بفسخه.

أولا- آثار فسخ الزواج قبل البناء:

إذا فسخ الزواج الفاسد قبل البناء فإنه لا يرتب أي أثر، بحيث لا يستحق الزوجة الصداق ولا النفقة ولا الإرث ولاتستبرىء.

ثانيا- آثار فسخ الزواج بعد البناء

يترتب على فسخ عقد الزواج الفاسد بعد البناء آثار العقد الصحيح، إلى أن يصدر الحكم بفسخه، ما لم يصحح بعد البناء
بصداق المثل، كما ورد في المادة 60 من م.أ.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
Scroll to Top